للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ليس على ما ينبغي لأن منع رواية الحديث بالمعنى إنما هي في الألفاظ لا في الاحوال لظهور أنها لا تروى إلا بالمعنى إذ ليست بلفظ وغاية ما يجب على راويها بذلك الاستطاعة للإحاطة بما يعبر عن الحالة المحكية كلها إلا إن وقعت غفلة أو قصرت العبارة أو نحو ذلك وبهذا يندفع قول المص "وإلا كان قد جافى عدالته" كما لا يخفى إذ الغفلة ونحوها لا يقدح في العدالة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فرب حامل فقه إلا من هو أفقه منه الحديث والحق في هذه المسألة أن الأصل موافقة الحكاية للحالة الآن لاصل في الراوي العلم والضبط فمتى روى ما يقتضي العموم من تعليق على وصف أو نحوه حمل عليه حتى يعارض ذلك ما ينافيه من أثر أو قياس أو قواعد الشريعة كما رد مالك حديث قضى بالشفعة للجار لمعارضته بحديث جابر قضى رسول الله بالشفعة فيما لم يقسم وذلك ينفي شفعة الجوار ومعارضته أيضاً بأن الجوار لا ينضبط وبأن العلة التي شرعت لها الشفعة غير بينة في الجوار فرجح حديث جابر لموافقته للأصول. وسواء في هذا الباب أن يكون المراد من قول الراوي قضى الحكم أو الإفتاء أي التشريع لأن الحكم وإن سلمنا أنه جزءي فمعنا جزئيته أن يكون مثل تلك النازلة عرضة للاجتهاد من الحاكم الأول أو من حاكم آخر أما قضاء الشارع فلا يختلف إلا بورود ناسخ حتى على القول بجواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم فهو تشريع لأنه لا يقر على خطأ فلا فرق حينئذ بين قضائه وفتواه لأن صدورهما من النبي صلى الله عليه وسلم واحد في اقتضاء التشريع فلا أثر لذلك التفصيل الذي ختم به المص في معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>