والتالي باطل فكذلك المقدم، هذا تقرير المسألة على المذهبين وعلى اعتبار الاحتمالين في المراد من العطف في الحديث. وقد استفيد مذهب الحنفية فيها من دليل تالي الشرطية في قولهم لو عم لحمل ذو عهد على العموم. واعلم أن نسبة الخلاف في هاته المسألة للحنفية صرح بها الآمدي والغزالي ومثلاها بالحديث المذكور وأما المص فقد ذكر في عكس هاته المسألة وهي المسألة الآتية أعني أن عطف الخاص على العام هل يقتضي تخصيص المعطوف عليه نسبة الخلاف في تلك للحنفية ومثل بهذا الحديث وهو متابع في ذلك للمحصول وكثير من أهل الأصول ولا يمكن الجمع بين النقلين إذ إنما يمكن فرض المسألتين على السواء في الحكم عند من لا يرى انسحاب حكم المعطوف على المعطوف عليه ولا العكس فيستوي مثال المسألتين وأما عند من يرى ذلك في أحدهما فلا يمكن فرض رأيه في عكسها لأن القول بانسحاب حكم الثاني على الأول يناقض القول بانسحاب حكم الأول على الثاني فكيف يؤخذ من كلامه في أحد الأمرين مذهب آخر له في الأمر الآخر، والتحقيق أن الحنفية لم يفرضوا هاتين المسألتين في أصولهم وإنما وجد لهم فرع فقهي وهو أن المسلم يقتل بالذمي مع معارضته لحديث لا يقتل مسلم بكافر فتردد الناظرون في تجيه هذا الفرع فرأى الآمدي أن مستندهم أن عموم المعطوف عليه يقتضي عموم المعطوف ورأى الإمام والمصنف أن المستند هو أن خصوص المعطوف يقتضي خصوص المعطف عليه وعلماء الحنفية لم ينكروا نسبة ذلك إليهم وإليك عبارة ابن الهمام من محققيهم قال في كتابه التحرير "مسألة قالت الحنفية يقتل المسلم بالذمي فرعاً فقهياً مع قوله صلى الله عليه وسلم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده فاختلف في مبناه فالآمدي عموم المعطوف عليه يستلزم عموم المعطوف عند الحنفية - إلى أن قال -