مالك رحمه الله كما صرح به القاضي أبو بكر ابن العربي في العارضة في باب الأخذ بالسنة. ولهذا قدد مالك قولهم على قول زيد في توريث أكثر من جدتين مع حديث أفرضك زيد حملًا للحديث على أنه أفرض آحاد الصحابة والظاهر أن هذا لا يخالفنا فيه أحد وقد رأينا من دأب علماء السلف الاحتجاج بقولهم وقول أعيان الصحابة حيث لا نص فيما طريقة التوقيف، كما يفعل الإمام البخاري كثيرًا في صحيحه. أما إن قام للمجتهد دليل، فالواجب عليه اتباعه إذ ليس مكلفًا بتقليد غيره خلافًا لأبي حازم أما الاحتجاج بحديث «وسنة الخلفاء الراشدين فمع ما فيه من التكلم في سنده لأن فيه بقية بن الوليد وهو متكلم فيه، كما قال القاضي أبو بكر في العارضة لا نسلم أنهم المراد من الخلفاء الراشدين لأن إطلاق هذا عليهم اصطلاح جديد إنما المراد الأمر بملازمة الجماعة واتباع أيمة العدل بدليل أن أول الحديث أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة على انه لو سلم لكان الجواب ما قاله المص (قوله ومخالفة من خالفنا في الأصول أن كفرناهم الخ) إن قلت إذ أثبت هذا التفصيل فبماذا يعلم تكفيرهم حتى لا يعتد بخلافهم مع أنه ليس لدينا قاطع من كتاب أو سنة في تكفير طائفة معينة قلت تكفيرهم يعلم إما بنص قاطع من القرآن يقتضي كفر فاعل فعل ما كدعوى الألوهية لعلي أو إنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كما قال غرابية الروافض (١) وأما بما علم ضرورة أنه كفر مثل كفر الباطنية والحلولية المدعين أن القرآن غير مراد منه ظاهره من الوعيد والذنوب ومن قال أن الله يحل في
(١) () الغرابية قالوا أن عليا كان أشبه بمحمد من العراب بلغراب فلذا غلط جبريل فبلغ الرسالة المبعوث بها لعلي إلى محمد، كما ذكره القاضي عياض في القسم الرابع من الشفاء.