للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا كنهم أرادوا الطعن في أصل الشريعة فلما أكبروا أن يتجاهروا بذم تشريع الصلاة والصيام مثلًا تذرعوا إلى ذلك بدعوى عدم ورودها عن النبي صلى الله عليه وسلم ليكون ثبوت ورودها موجبًا للطعن على نفس مشرعها كأنهم يقولون أولا نحن ننزه النبي عن أن يشرع هذا فإذا تسوهل معهم رجعوا فقالوا قد ثبت أنه قاله ومن قال ما ليس بحق لا يؤمن به فإما أن تقولوا أنه لم يقله فيدخل الشك في كل ما نقل عنه، وإما أن تقولوا قاله فيكون ذلك تنقيصًا للقائل حاشاه صلى الله عليه وسلم ومن مارس مقالات الملحدين علم أنهم يرمون لهذه الغاية فلذلك جزم الجمهور بأن جحد المعلوم ضرورة موجب للكفر وهو ما فهمه الصديق رضي الله عنه من مئال منع الزكوة إلى انحلال عرى الدين فقال والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. وبهذا تعلم أن ذكر المجمع عليه هنا وصف طردي لأن المدار على كون الأمر معلومًا بالضرورة سواء كان مجمعًا عليه أم ثابتًا بالنص ولاكن لما كان العلم ضرورة يقارنه إجماع الأمة على كون ذلك المعلوم هو من الدين فرضوا المسألة بوصفين الجمع عليه المعلوم بالضرورة فتدبر في هذا الموضع فكم زلت فيه أقدام. أما بعامل جمود أو أقدام (قوله وأنتم لا تكفرون جاحد أصل الإجماع الخ) لا مخلص من هذا الإيراد وهو أدل دليل على فساد القول بتكفير جاحد حجية الإجماع عن اجتهاد والجواب عنه غير صحيح لأنه لو صح أن التكفير متوقف على مساعدة الكافر على اعتبار أصل ما كفر به لما تحقق تكفير كافر ما لأنه لا يكفر إلا وهو غير مستقر عنده دليل التكفير فإن أجيب بأن من الأدلة ما هو قطعي لا تسع مكابرته

<<  <  ج: ص:  >  >>