بل المراد أن جنس تلك المعصية تنشأ عنه مفاسد وإن ندر تخلفها فشهادة الزور مفسدة كبيرة لأنها تقصد في الأمور المهمة مما له بال غالبًا (قوله ثم الفاسق إن كان فسقه مظنونًا الخ) أي سواء كان فسق جارحة أو كان فسق اعتقاد وهو ما كان فيه مخالفة صريحة لأصول الإسلام أو اشتمل على تأويل الشريعة بما لا دليل عليه ولا داعي صحيحًا إليه ومعنى كونه مظنونًا أن يكون الأول مدلولًا عليه بدليل ظني غير مقارب للقطع للاحتراز عمن يتعلق بشذوذ المذاهب كشرب النبيذ عند مالك وأن يكون الثاني مخالفًا لما دل عليه الدليل الظني من غير معارض عند المعتقد كنفي نصب الخليفة عند بعض الخوارج وتفضيل علي على الثلاثة رضي الله عنهم عند الشيعة فإنه لا داعي لذلك إلا التوصل إلى مرام سياسية. أما ما خالف قطعيًا فهو المقطوع به كالزنى وكالقول بعدم العقوبة للعاصي عند المرجئة، وكل هذا ما لم يبغ إلى كفر أي مخالفة معلوم بالضرورة فإن مخالفة القطعي أعم. أما مسألة الكفر في الاعتقادات فقد تقدمت للمصنف وقد جعل هنا مظنون الفسق محل اتفاق على قبول روايته وهو يعارض ما تقدم عن مالك من رد رواية أهل الأهواء مطلقًا لأنهم إما كفرة أو فسقة فلابد أن يكون مراده بالاتفاق الفسق المظنون بالجارحة دون الاعتقاد أو هو يرى أهل الأهواء مخالفين للقواطع دائمًا كما يقتضيه كلامه في الشرح وفيه ما فيه (قوله واختلف العلماء في شارب النبيذ فقال الشافعي أحده وأقبل شهادته الخ) هذان إشكالان وردا على حكاية الاتفاق على قبول رواية الفاسق بمظنون أولهما كيف حده مع قبول روايته ولم لم يعذره في درء الحد، الثاني كيف لم يقبل مالك روايته مع حكاية الاتفاق على قبولها وحاصل الجواب عن الإشكال الأول هو مضمون القاعدة الأولى أن الحد اقتضاه دليل التسوية بين النبيذ والخمر وهو أمر عملي وقضاء شرعي يجب على المجتهد أن يعمل فيه بما أداه إليه