عموم المبتدأ فساوى الخبر وطابقه والمصنف أخذ يبرهن به على لزوم الحصر بالمعنى الأعم للمبتدأ مع الخبر حيثما وقع فقال "فهذا برهان على ثبوت الحصر مطلقاً كيف كان المبتدأ والخبر" ثم رجع يفصل بين مواقع الحصر اللغوي من ذلك ومواقع الحصر الاصطلاحي فقال "غير أنه إذا كان الخبر نكرة إلى قوله فهو تخصيص لعموم الحصر" وبعدما تبين مراد المصنف من صنيعه هنا ومنشأ تقريره المأخوذ من تغيير كلام الغزالي فلابد من العطف إلى تحقيق هذا المبحث الذي طالما خاضت فيه أعلام من أيمة البلاغة والأصول فلم يأتوا على أواخره، ولم يجمعوا مشتت أمثلته بأواصره، فاعلموا أن أصل الفائدة من الأخبار هو إفادة أن ذاتاً معلومة للمتكلم والمخاطب اتصفت بوصف عام أي أنها كانت من جملة من يصلح لأن يصدق عليه ذلك الوصف ولذلك كان الأصل في المبتدأ التعريف وفي الخبر التنكير نحو زيد قائم وزيد حيوان لأن المبتدأ دال على ذات جزئية والخبر دال على جنس كلي والمستفاد من الأخبار هو أن الذات الجزئية صارت من جملة أفراد ذلك الكلي باعتبار من الاعتبارات وقد يصير الجنس معرفة أيضاً ويخبر عنه بجنس وذلك عند تعين الجنس المراد الأخبار عنه حتى ينزل منزلة الذات نحو الإنسان حيوان أي هذا الجنس من جملة أفراد الحيوان. فإذا قصد الأخبار بأن ذاتاً اتحدت بالجنس حتى صارت عينه جيء بالمبتدأ وبالخبر جنساً معرفاً لأن تعريف الجنس حينئذ إشارة إلى زوال عمومه وكليته حتى حضر في الذهن متميزاً عن غيره من الأجناس نحو زيد الصديق فوز أنه وزان قولك زيد عمرو أي هو عينه وطبقه. وإذا أريد أن جنساً انحصر في ذات فلم يكن له أفراد غيرها حقيقة أو ادعاء جيء