إن فتح لهم باب تصحيحها أقدموا عليها غير محترزين فإن غفل عنها تمت لهم وإلا قنعوا بتصحيحها وإبطال سبب النهي كما في بيوع الربا. ثانيهما أن بعض العقود يكون لما يقارنها من أسباب النهي كالشروط حظ من الثمن كما في بيع الثنايا فلو قررناها مع إبطال الشرط مثلاً أضعنا على باذل ماله ما لو علم ببطلانه لم يبذله ولا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس (قوله ونحن خالفنا أصلنا الخ)(١) مخالفة الأصل هي عدم العمل به عند وجود مقتضيه وانتفاء معارضه وهي المعبر عنها بالنقض في القياس. والأصل عندنا هنا مقيد بما لم يجر إلى ضرر فهو إذا عارضته قاعدة لا ضرر ولا ضرار وجب حمله عليها والبيوع الفاسدة منها معلوم الفساد للمشتري والبائع ولا خلاف في رده عندنا كما ذكروا في بيع الحبس وفي بيوع الربا. ومنها ما فيه شبهة لأحدهما وهذا إذا قضي فيه بالرد وقد تغير سوقه أو تلف أو نقص أو تعلق حق الغير به أو وقع فيه فوات شيء على غير عامد انجر ضرر على أحد المتعاقدين فقرر بالقيمة جمعاً بين القاعدتين وإنما قرر بالقيمة دون الثمن لأن الثمن يتبع الرغبات في منافع المبيع المأخوذ لمن هو بيده لأن الرجوع إلى القيمة كإبطال لما تعاقد عليه من الثمن وليس فيه مراعاة الخلاف. على أن مراعاة الخلاف التي يذكرونها لا يعمل بها المجتهد إلا في القضاء بالفساد الصريح أو بالشبهة أو في الخلاف الذي بين السلف من الصحابة والتابعين مثلاً فيما طريقه النقل وفهم مقصد الشارع لأنهم أقرب لزمن التشريع وأقرب لفهم مراد الشارع بقرائن الأحوال المشاهدة وفي غير هذا
(١) هاته الحاشية ترتبط بقوله ونحن خالفنا أصلنا في صفحة ٨٨ المارة في الشرح.