للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنَّ مضاعفة أجر الصلوات في المسجدين المسجد الحرام والمسجد النبوي إنَّما هي خاصة لمن صلى داخل المسجد، خلافاً لما نراه ممن يصلي في مسكنه أو حتى في مسجد قريب من مسكنه، ويقول: مكة كلها حرم! ! نقول: نعم مكة كلها حرم، ولكنَّ مضاعفة أجر الصلوات، إنَّما هي خاصة بمن صلى داخل المسجدين فقط، والله أعلم. (١)


(١) ومضاعفة الأجر بمائة ألف صلاة قاصرة على المسجد الحرام - والله أعلم - خلافاً لمن جعل ذلك الأجر لكل من صلى فى الأرض الحرام.
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة) فدل الحديث على حصر الأجرعلى الصلاة في ذات المسجد لا غير، ثم نقول لمن قال بالقول الأول: هل تجوِّز شد الرحال إلى المساجد التي في العزيزية والشبيكة، والزاهر، وغيرها، بالطبع ستقول: لا؛ لأنَّ الحديث حصر شد الرحال إلى ثلاثة مساجد، قلنا: كذلك فإنَّ الحديث حصر أجر المضاعفة فى مسجد الكعبة، كذلك فمن نذر الاعتكاف في المسجد الحرام، لا يجزئه أنَّ يعتكف فى مسجد الشميسي، مثلاً.
فإن قيل: كان النَّبِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى صلح الحديبية إذا أراد الصلاة دخل إلى الأرض الحرم، قلنا: وهذا قد فعله لفضل الصلاة في الأرض الحرام على الصلاة فى الحل، وهذا لا يلزم منه الحكم أنَّ الصلاة فى الأرض الحرام بمائة ألف صلاة، قال ابْنُ مُفْلِحٍ: ظَاهِرُ كَلامِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ نَفْسُ الْمَسْجِدِ، وَمَعَ هَذَا فَالْحَرَمُ أَفْضَل مِنَ الْحِل، فَالصَّلاةُ فِيهِ أَفْضَل ا. هـ
وقد سُئل ابن العثيمين: الصلاة المقصودة في الحرم في المضاعفة، هل المقصودة في المسجد الحرام، أو في عموم الحرم؟
الجواب: يجيب عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة)، أبعد هذا الجواب الواضح جواب؟ ! كلمة (مسجد الكعبة) ماذا تعني؟ المسجد الذي فيه الكعبة، ولا نعلم في مكة مسجداً يقال له مسجد الكعبة إلا المسجد الذي فيه الكعبة فقط، فلا يقال عن المساجد التي في الشبيكة والتي في الزاهر، والتي في الشعب، وغيرها لا يقال: إنها مسجد الكعبة، وهذا نص كالصريح في الموضوع.
إذاً إذا صليت في مساجد أخرى في مكة لا تنالها فضل الصلاة في مسجد الكعبة، يؤيده: قول الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: ١] وقد أسري بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم -من الحِجْر ـ بكسر الحاء ـ الذي هو جزء من الكعبة.
لكن لا شك أنَّ الصلاة في نفس الحرم داخل بيوت الحرم أفضل، والدليل على هذا: أنَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم -لما نزل في الحديبية وبعضها حرم وبعضها حل نزل في الحل، وصار يدخل في الحرم ويصلي فيه، مما يدل على أن الصلاة في الحرم -أي: فيما كان داخل حدود الحرم- أفضل من الصلاة في الحل، لكن هل ينال أكثر من مائة ألف صلاة؟ لا، إلا في مسجد الكعبة.
وهذه المسألة ذكرها صاحب الفروع من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله، وهو على ما قيل: أعلم الناس بفقه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حتى كان ابن القيم رحمه الله وهو ملازم لـ شيخ الإسلام يرجع إلى ابن مفلح صاحب الفروع فيسأله عما يختاره شيخ الإسلام في مسائل الفقه، وقد ذكر -رحمه الله- أنَّ هذا ظاهر كلام أصحاب الإمام أحمد أنَّ التفضيل خاص بمسجد الكعبة، ونحن نقول: أفبعد كلام الرسول-صلّى الله عليه وسلّم - شيء؟ ! لا شيء. ا. هـ وانظر الشرح الممتع (٣/ ١٢٩)

<<  <   >  >>