وقال تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٨٤]، فجعل توحيدَ اللهِ بالتوكلِ «شرطًا في الإيمان» في الآية الأولى، و «شرطًا في الإسلامِ» في الآية الثانية.
[أقسام التوكل]
* والتَّوكلُ له أقسام:
[١ - التوكل الشرعي]
الأول: أنِ يتوكلَ على اللهِ ﷿ دون سواه، في جلبِ المنافع، ودرءِ المفاسد في أمور الدِّين والدنيا، مع فعل الأسباب، وهذا هو «التوكلُ الشرعيُّ».
واتخاذ السبب لا يقدح في التوكل، لكن لا يتعلقِ القلبُ بالسببِ؛ لأنَّ التفاتَ القلوب إلى الأسباب، ونسيانَ المُسبِّب، وهو اللهُ ﷾، شركٌ في التوحيد.
[٢ - التوكل الشركي]
الثاني:«التوكلُ الشركيُّ»: وهو أن يتوكلَ على المخلوق فيما لا يقدرُ عليه إلا اللهُ ﷿ مثل: حصولِ الولد، ونزولِ الغيث، ومغفرةِ الذنوب، وشفاءِ المريض دون فعلِ الأسبابِ، فهذا «شِركٌ أكبرٌ».
ومن «التوكلِ الشركيِّ» أن يتوكلَ على أصحابِ القبورِ في تفريجِ الكروب، وقضاء الحاجات، فهذا «شِركٌ أكبرٌ»؛ لأنَّ كونه يتوكل عليهم، ويعتمد عليهم في ذلك، ويجعلهم مساويين لله ﷿ في شيء من خصائصه، وفي القدرة على الفعل، دون مباشرة السبب، كما أنَّه يعتقد أنَّ لهم تصرفًا خفيًا في الكون، والأمواتُ لا يمكن أن يقوموا بمثل هذا؛ لأنَّهم لا يستطيعون مباشرة الأسباب، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [فاطر: ٢٢].
[٣ - التوكل على المخلوق فيما يقدر عليه]
الثالث: أنْ يتوكل على المخلوق فيما أقدرَه اللهُ عليه، كالذي يتوكلُ على السلطان في الرزق، أو يتوكلُ على الطبيبِ في الشفاء، وكالذي يتوكلُ على الأسباب، فهذا «شركٌ أصغرٌ»؛ لأنَّ كونَ الإنسانِ يتوكلُ على هذا الشخص فيما يقدر عليه، جعَلَه أكثرَ مِنْ السببِ، والتفاتُ القلوبِ إلى الأسبابِ شِركٌ في التوحيد، إذ إنَّ