للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القول الأول: توبة الساحر غيرُ مقبولة

أحمد (١)، وعلى هذا لو ادَّعى التوبةَ والرجوعَ إلى الله ﷿، فتوبتُه غيرُ مقبولة، وحينئذٍ يُعامَلُ على الظاهر، وتُقامُ عليه العقوبةُ فيُقتَلُ، وأما الباطنُ، فهذا بينه وبينَ اللهِ تعالى، فإن كان صادقًا في توبتِه، فلعلَّ اللهَ أنْ يعفو عنه، وإنْ كان كاذبًا، فأمرُه ظاهرٌ.

واستدلوا على ذلك بأنَّ ادِّعاءَ التوبةِ مِنْ السَّاحر غيرُ ظاهرٍ؛ لأنَّ هذا أمرٌ خفيٌ لا يكاد يُعلَم، فكونه يدَّعي التوبةَ ربما يكون كاذِبًا في ذلك (٢)، وتَعامُلُه بالسِّحرِ يدل على سوء باطنته، وفسادِ عقيدته.

[القول الثاني: توبة الساحر مقبولة]

القولُ الثاني: «أنَّ توبةَ السَّاحرِ مقبولةٌ»، وهو الروايةُ الثانيةُ في مذهبِ الإمام أحمد ، وذهب إليه بعضُ أهلُ العلم بأنَّ توبتَه مقبولة؛ لعموم أدلة التوبة من الكتاب والسُّنة، منها:

أدلة القول الثاني من الكتاب والسُّنة

• قولُ اللهِ ﷿: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: ٥٣].

وقولُه : ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال: ٣٨].

• وقولُه جلَّ وعلا: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، وقولُه سبحانه: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٣١].

• ومن الأحاديث الواردة في ذلك، قولُه : «إِنَّ اللهَ ﷿ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِاءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِاءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ


(١) ينظر: (المقنع ٢٧/ ١٣٣)، و (المغني ١٢/ ٣٠٣).
(٢) «لأنَّ السِّحر معنىً في قلبه، لا يزول بالتوبة، فيُشبه مَنْ لم يتب»، ذكره في (المغني ١٢/ ٣٠٣).

<<  <   >  >>