للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كان يخدمُه، على سبيل المكافأة.

الحالة الثانية: إذا كان فيه مصلحةٌ شرعيةٌ تترتب على هذه الهدية، كتأليفهم على الإسلام، ودعوتهم إليه، فإنَّ هذا «جائزٌ، ولا بأسَ به»، ويدل لذلك أنَّ عمر كسا أخًا له مشركًا حُلَّة (١).

حالات ردِّ السلام على غير المسلمين

* أما بالنسبة لمِا يتعلق بالسَّلام عليهم، فلا يبدأهم المسلمُ بالسلام، لكن فيما يتعلق بردِّ السِّلام عليهم، فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

١ - القسم الأول: أنْ يلْحنوا في السَّلام، فإنك تقول: «وعليكم»، كما جاء في الصحيح أنَّ اليهودَ كانوا إذا جاءوا للنبيِّ يقولون: «السَّامُ عَلَيْكُمْ»، يقصدون بذلك الموتَ، فيُجيبهم النبيُّ بقوله: «وعليْكُم» (٢).


(١) قال عبد الله بن عمر في تلك الحُلة: «فأرسلَ بها عمرُ إلى أخٍ له مِنْ أهلِ مكةَ قبْل أنْ يُسْلِم»، رواه البخاري في كتاب الهبة، في باب الهديةِ للمشركين، رقم (٢٦١٩)، ومسلم في كتاب اللباس، في باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، رقم (٢٠٦٨)، وفيه: فكساها عمرُ أخًا له مشركًا بمكة.
(٢) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب الرفق في الأمر كله، رقم (٦٠٢٤)، ومسلم في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، رقم (٢١٦٥). من حديث عائشة .
وعند مسلم عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله : «إنَّ اليهودَ إذا سلَّمُوا عليكم يقولُ أحدُهم: السَّامُ عليكُم، فقُل: عَلَيْكَ»، رقم (٢١٦٤).
فائدة: قال الإمام ابنُ دقيق العيد : «ظاهره يقتضي أنَّ العلةَ في هذا الرَّد قولهم: «السَّامُ عليكُم»، إما على سبيل التحقق، وإما على سبيل الظن مِنْ السامع؛ لشدة عداوتهم للمسلمين. فلو تحقق السَّامع أنَّه قال: «السَّلامُ عليكُم»، مِنْ غير شك، فهل يُقال: إنه لا يمتنع الردُّ بالسلام الحقيقي كما يردُّ على المسلم، أو يُقال بظاهر الأمر، وحصر جوابهم في: «وعليْكُم»؟
ويترجح الثاني بظاهر اللفظ، ويترجح الأول بالنظر إلى المعنى، فإنَّ (الفاء) في قوله : «فقُل: عَلَيْكَ» تقتضي التعليل، وأنَّ علةَ هذا القول: أنهم يقولون: «السَّامُ عليكُم»، إذا دلَّ اللفظ على التعليل، فعند تحقق السَّلام زالتِ العلة، والحكمُ يزولُ بزوالِ علته، والله اعلم. ا. هـ (شرح الإلمام ٢/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>