للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فهم يسألونهم عن غيبٍ نسبي، ويعتقدون أنَّ هؤلاء السحرةِ يستعينون بالشياطين، وأنهم لا يستقلون بذلك، فهذا «شركٌ أصغر»، وفيه عقوبتان، كما دلَّت السُّنةُ المُطهَّرة:

العقوبة الأولى: أنه شرك أصغر؛ لقولِه : «فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ » (١)، يعني: الكفرَ الأصغرَ.

العقوبة الثانية: أنَّ صلاتَه لا تُقبلُ مدةَ أربعين يومًا؛ لقولِه : «لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» (٢)، بمعنى أنه لا يُثابُ عليها، لكنها مُسقطةٌ للطلبِ، ومُبرئةٌ للذمة.

٤ - إتيانُ السحرة فقط، لا يسألهم ولا يصدقهم

* القسم الرابع: أن يأتي السحرةَ والكهنةَ إتيانًا مجردًا فقط بدون سؤال، مجرد أنْ يأتَيهم، أو أنْ يسألَهم، ولا يصدقُهم، فهذا «مُحرَّم، ولا يجوز»، ويدل لذلك حديث معاوية بن الحكم السُّلَمي في صحيح مسلم، قال: قلت: يا رسول الله، إِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قال: «فَلَا تَأْتِهِمْ» (٣)؛ فهذا «محرمٌ» (٤)، سدًا للذرائع،


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٩٥٣٦)، والحاكم في المستدرك (١٥)، وقال: «هذا حديث صحيح على شرطهما»، وأصحاب السنن إلا النسائي: أبو داود (٣٩٠٤)، و الترمذي: (١٣٥)، وابن ماجه (٦٣٩) وصحَّحه الشيخُ الألباني، كلهم مِنْ حديث أبي هريرة ، وفيه: «مَنْ أَتَى حَائِضًا، أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ».
(٢) رواه أحمد: (١٦٦٣٨)، ولفظُه: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا»، بدل «لَيلةً»، ومسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم (٢٢٣٠)، ولفظه: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَىْءٍ، … » الحديثَ، كلاهما من حديث أم المؤمنين صفية عن بعض أزواج النبي .
(٣) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلا ة، رقم: (٥٣٧).
(٤) قال الإمامُ النووي تعليقًا على هذا الحديث: «إنما نُهِي عن اتيانِ الكُهان؛ لأنهم يتكلمون في مُغيَّباتٍ، قد يُصادِف بعضَها الأصابة، فيُخافُ الفتنةُ على الإنسانِ بسبب ذلك؛ لأنهم يُلبِّسون على النَّاس كثيرًا مِنْ أمرِ الشرائعِ، وقد تظاهرت الأحاديثُ الصحيحةُ بالنهي عن إتيانِ الكُهان وتصديقِهم فيما يقولون». ا. هـ من [شرح مسلم (٥/ ٢٢)).

<<  <   >  >>