للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمران: ١١٨]، يعني: مِنْ غيركم، فكوْنهم يُتخذونَ بطانةً، يعني: موضعَ سِرٍ يؤْتمنون عليه، نقول بأنَّ هذا مِنْ «الموالاة المحرمة؛ التي لا تجوز» (١)، والواجبُ ترْكُ ذلك.

[لا يحوز التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم]

ج- التَّشبهُ بهم فيما هو مِنْ خصائصهم، سواء كان ذلك في العادات، أو في الأخلاق، والسلوكيات: فهذا «مُحرَّم، ولا يجوز»، وفي مسند أحمد يقول النبيُّ : «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (٢).

أما فيما يتعلق بالتَّشبهِ، فإذا كان هذا مِنْ خصائصِ الكفار، بمعنى أنهم يختصون بهذا الشيء، فهو مِنْ «التَّشبه المحرَّم»، أما إذا لم يكن مِنْ خصائصهم (٣)، وإنما انتشر بين المسلمين، فإنَّ هذا لا يدخلُ في التشبه بهم، ما لم يتضمن محذورًا شرعيًا.

[حكم بدء غير المسلمين بالسلام]

د- بُداءتهم بالسَّلام:

قال النبيُّ : «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى


(١) ويدل لذلك ما رواه مسلم [رقم: (١٨١٧)]، من حديث عائشة قالت: خرج رسولُ الله قِبل بدر، فلما كان بحرَّة الوبرة أدركه رجلٌ قد كان يُذكر منه جرأةٌ ونجدةٌ ففرحِ أصحابُ رسول الله حين رأوْه، فلما أدركه قال لرسولِ الله : جئتُ لأتبعكَ، وأصيبُ معك، قال له رسولُ الله : «تؤمِنُ باللهِ ورسولِه؟»، قال: لا، قال: «فارجع، فلن أستعين بمشرك»، الحديثَ.
(٢) حديث ابن عمر : رواه أحمد: (٥١١٤)، وأبو داود في كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، برقم (٤٠٣١)، قال الشيخ الألباني: «حسن صحيح».
قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية : «وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]».
وقال أيضًا: «فقد يُحمل هذا على التشبه المطلق؛ فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريمَ أبعاضَ ذلك، وقد يُحمل على أنه منِهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرا، أو معصية، أو شعارا لها، كان حكمه كذلك»، [اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٢٧٠ - ٢٧١)].
(٣) قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية : «فهذا ليس فيه محذور المشابهة، ولكن قد يفوت فيه منفعة المخالفة، فتتوقف كراهة ذلك وتحريمه على دليل شرعي»، [اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٥٥٣)].

<<  <   >  >>