. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ٦٠]، إلى أن قال: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]، فالآية اشتملت على ثلاثةِ أمورٍ حتى يؤمنوا:
١ - أنْ يكونَ المرجعُ في التحاكمِ «الكتابُ والسُّنةُ».
٢ - أن لا يجدوا في أنفسِهم بغضًا أو كراهيةً لما قضى به النبيُّ ﷺ.
٣ - أن يُسلِّموا تسليمًا كاملًا لحُكمِ النبيِّ ﷺ.
أقسام التحاكم إلى غير شرع الله، وسُنة نبيه ﷺ
وبهذا نعرف خطرَ تحكيمِ القوانينِ الوضعيةِ الموجودةِ اليومَ في بعض البلدان الإسلامية.
والذين يُحكِّمون القوانينَ، وينبذون أحكامَ الشرعِ، أمرُهم لا يخلو مما يلي:
١ - جحود حُكم الله تعالى: «كُفرٌ»
١ - أن يجحد الحاكمُ حكمَ اللهِ ﷾، ومعنى الجحود أن يُكذِّبَ ويُنكرَ أنَّ هذا حُكمُ اللهِ ﷿، وهذا «كفرٌ» بالاتفاق، قال تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣].
٢ - استحلال الحُكم بغير ما أنزل الله: «كُفرٌ»
٢ - أن يُجوِّزَ الحاكمُ الحكمَ بغير ما أنزل اللهُ ﷾، أو أنْ يعتقد أنَّ التحاكم إلى غير القرآن والسُّنة جائزٌ ولا بأس به، فهذا هو الاستحلالُ، وهو «كفرٌ» بالاتفاق، قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤]، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾ [التوبة: ٣٧]، فالنسيءُ (١)
(١) قال العلامةُ السعدي ﵀: النسيء: هو ما كان أهلُ الجاهلية يستعملونه في الأشهر الحرم، وكان مِنْ جملة بدَعِهم الباطلة، أنهم لما رأوا احتياجَهم للقتالِ في بعض أوقات الأشهر الحرم، رأوا بآرائهم الفاسدة أن يحافظوا على عِدةِ الأشهر الحُرمِ، التي حرَّم اللهُ القتالَ فيها، وأنْ يؤخِّروا بعضَ الأشهرِ الحُرم، أو يُقدِّموه، ويجعلوا مكانَه مِنْ أشهر الحِلِّ ما أرادوا، فإذا جعلوه مكانه، أحلُّوا القتالَ فيه، وجعلوا الشهَر الحلالَ حرامًا، فهذا كما أخبر اللّه عنهم أنه زيادةٌ في كفرِهم وضلالِهم؛ لما فيه مِنْ المحاذير، منها: أنهم قلبوا الدِّين، فجعلوا الحلالَ حرامًا، والحرامَ حلالًا. ا. هـ (تيسير الكريم الرحمن ٢/ ٦٥١ - ٦٥٢).