للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة هو دينُه دينُ الإسلام، فهو أعظمُ نعمة أنعمها الله ﷿ على المسلمين، وكونُ المسلم يعرف ما يُخِلُّ بهذا الدين العظيم مِنْ أصله، أو ما يُخِلُّ بكمالِه، هذا مهمٌ جدًا، ولذلك فإنَّ حذيفة كان يسأل النبيَّ عن الشَّر؛ مخافةَ أن يقع فيه (١).

وكونُ المسلمِ يتعلم هذه النواقض، ويدرُسُها، حتى يكون على بينةٍ من أمره، ويكون ملمًا بما يخدشُ التوحيد، وينقصُ دينَه وإسلامَه، ولهذا إبراهيم ، وهو إمام الحنفاء سأل ربه أن يقيه عبادة الأصنام، قال: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: ٣٥] (٢)، ولم يقل : ربِّ لا تجعلني أعبدُ الأصنامَ، بل قال: يا ربِّ، اجعلني في جانبٍ، وعبادةَ الأصنام في جانبٍ آخر، فهو سأل اللهَ جل وعلا أنْ يقيَه الشركَ، ووسائلَه (٣).

[خوف الأنبياء والصالحين من الوقوع في الشرك أو وسائله]

فهو لم يسأل اللهَ ﷿ الوقايةَ من الشرك وحده فقط، بل سأل اللهَ ﷿ أن يقِيَه الشركَ ووسائله، وذرائعه، ومِن دعاء النبيِّ الاستعاذةُ من الشرك (٤).

والشيخُ رحمه الله تعالى في كتابه العظيم (كتاب التوحيد) بوَّب بابًا مستقلًا؛ قال: «بابُ الخوفِ مِنْ الشِّرك»، وذكرَ ما يتعلق بذلك من أدلةٍ من كتاب الله، وسُنة رسوله .


(١) سبق تخريجه، (ص: ٧).
(٢) قال العلامة السَّعدي : أي: اجعلني وإياهم جانبًا بعيدًا عن عبادتها، والإلمام بها، (تيسير الكريم الرحمن ٢/ ٨٥٢).
(٣) قال إبراهيمُ التيمي : مَنْ يأمنُ مِنْ البلاءِ بعد خليلِ اللهِ إبراهيم، (تفسير الطبري ٦/ ٤٨٢٦).
(٤) فكان بأبي هو وأمي يدعو حين يُصبح وحين يُمسي: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ» رواه أبو داود: (٥٠٩٠)، وأحمد: (٢٠٤٣٠). وقد كان يُعلِّم أصحابه الاستعاذةَ من الشرك، خفيِّه وظاهره، ففي الأدب المفرد (٧١٦) من حديث معقل بن يسار قول النبي لأبي بكر : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؟»، قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لا أَعْلَمُ»، قال الشيخ الألباني: «صحيح».

<<  <   >  >>