للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مولى أبي حذيفة (١) فهل هذه خصوصيةٌ عينية، أم أنها خصوصيةٌ وصفية؟

يرى جمهورُ أهل العلم أنها خصوصية عينية (٢)، بينما شيخُ الإسلام ابنُ تيمية يقول بأنها ليست خصوصيةً عينيةً، وإنما هي خصوصيةُ وصفٍ وحالٍ، بمعنى أنَّ مَنْ كانت حَالُه كحال سالمٍ مولى أبي حذيفة ، وتربَّى عند هؤلاء الناس، وشقَّ عليهم، فإنه يأخذُ حكمَه، ومَن كانت حالُه كحالِ أبي بردة ، جهِلَ وتقدَّم وذبَح قبل الصلاة، وعنده عناقٌ، فإنه يأخذُ حكْمَه، وعليه فإنَّ قولَه : «وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» (٣)، ليس خصوصيةَ عينٍ، وإنما هي خصوصيةُ وصفٍ.

وعليه فمَن كانت حالُه وصِفتُه كحالِ أبي بردة، أو سالمٍ ، فإنَّه يأخذُ حُكمَه، إذ أنَّ الشريعة لا تتنَزلُ لأفرادِ الناس، وإنما نزلت لعمومِ الناسِ، في كلِّ زمان، وفي كلِّ مكان، ولا تنزلُ لشخصٍ بعينِه سوى النبي .

* * *


(١) روى مسلم عن عائشة أنَّ سالمًا مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت تعني سهلة بنت سهيل النبيَّ ، فقالت: إنَّ سالمًا قد بلَغ ما يبْلُغ الرجالُ، وعقَل ماعَقَلوا، وإنه يدخل علينا، وإني أظنُّ أنَّ في نفْسِ أبي حذيفة مِنْ ذلك شيئا. فقال لها النبي : «أرضعيه تحْرُمي عليه، ويذهبُ الذي في نفْس أبي حذيفة»، فرجَعتْ فقالت: إني قد أرضعتُه؛ فذهب الذي في نفْس أبي حذيفة، (في كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير، رقم (١٤٥٣).
(٢) وذلك لما رواه مسلم عن أم سلمة زوجِ النبيِّ أنها كانت تقول: أبَى سائر أزواج النبى أنْ يُدخِلن عليهنَّ أحدًا بتلك الرضاعة، وقلنَ لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصَها رسولُ الله لسالم خاصة، فما هو بداخلٍ علينا أحدٌ بهذه الرَّضاعة، ولا رائينا، (١٤٥٤)، وغير ذلك من الأدلة.
(٣) عن البراء قال: ذبح أبو بردة قبل الصلاة، فقال له النبي : «أبدِلهَا»، قال: ليس عندي إلا جذَعةٌ هي خيرٌ مِنْ مُسنَّة، قال: «اجعلها مكانها، ولن تَجزِي عن أحد بعدك»، أخرجه البخاري في الأضاحي، باب قولِ النبي لأبي بردة: «ضح بالجذع من المعز، ولن تجزي عن أحد بعدك»، (٥٥٦٣)، ومسلم في الأضاحي، باب وقتها (١٩٦١).

<<  <   >  >>