للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مالك) كتَبَها (ملك)، ومِمَّا رَأَيْتُهُ أَيضَاً أنه يَكْتُبُ بَعْضَ الكَلِمَةِ في نِهَايةِ السَّطْرِ الأَوَّلِ، ويَكْتُبُ بَقِيَّتَها في السَّطْرِ الثَّانِي، فَكَلِمَةُ (المناجزة) مثلًا كَتَبَ في نِهَايةِ السَّطْرِ الأَوَّلِ (المنا)، وكَتَبَ (جزة) في بِدَايةِ السَّطْرِ الثَّانِي، وكَتَبَ كَلِمَةَ (الشَّهادات) هَكَذا: (الشها) ثُمَّ (دات)، وهَكَذا.

النسخة الثانية: وَهِي مُصَوَّرَةٌ مِنَ المكتبةِ العَتِيقَةِ بالقَيْرَوَانِ، والتي هي الآنَ في مَعْهدِ الحَضَارةِ والفُنُونِ الإسلاميَّةِ بِرَقَّادَةَ، وَهِي قِطْعَةٌ صَغِيرَةٌ مِنَ الكِتَابِ، عددُ أَوْرَاقِهَا: (٤٧) ورقةً، وَهِي أَخْلاَطٌ مِنْ مَوَاضِعَ مُفَرَّقَةٍ مِنْ آخِرِ الكِتَابِ غيرُ مُرَتَّبةٍ، وأهمُّ فَائِدَةٍ لهذه النُّسْخَةِ أَنَّها أَكْمَلتِ النَّقْصَ الأخيرِ الذي وَقَعَ في نِهَايةِ النُّسْخَةِ المتُقَدِّمةِ، وَهِذه النُّسْخَةُ نُسْخَةٌ مُتْقَنَةٌ إذْ تَمَّ مُقَابَلَتُهَا عَلَى نُسْخَةٍ أُخْرَى، وقد كُتِبتْ بخَط قَيْرَوَانيِّ قَدِيمٍ، ويَبْدُو أَتها قَرِيبةٌ مِنْ عَصْرِ المُصَنِّفِ، وقَدْ أَصَابَ النُّسْخَةَ تَلَفٌ شَدِيدٌ بسببِ تَقَادُمِها وسُوءِ حِفْظِها مِمَّا أَدَّى إلى صُعُوبةِ القِرَاءَةِ في مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، هذا بالإضَافةِ إلى ما وقع فيها من سَّقْطٍ في مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، وكُتِبَ عَلَيْهَا حَوَاشٍ دَقِيقَةِ الخَطِّ غَيْرِ مَقْرُوءةٍ، فِيهَا تَعْلِيقَاتٌ كَثيرَةٌ مِنْ تَفْسِيرِ الموطَّأ لإبنِ مُزَيْنٍ، وتَفْسِيرِ الموطَّأ لأَبي عَبْدِ الملكِ البُونِيِّ وغَيْرِهما، وقدْ أَهْمَلَ نَاسِخُهَا النُّقَطَ إلا في مَوَاضِعَ قَلِيلَةٍ، وهَذِه النُّسْخَةُ مِثْلَ التِّي تَقَدَّمتْ، فَقَدْ كَانَ النَّاسِخُ يَحْذِفُ مِنَ الأَعْلاَمِ الأَلِفَ الممدُودةِ، كَمَا كَانَ يُهْمِلُ الهَمْزَةَ المَكْسُورَةَ فَيَرْسمُهَا ياءَ وغير ذلك.

ومنْ بَابِ الأَمَانةِ نشُيرُ إلى أَنَّ الشَّيخَ مُحَمَّدَ بنَ عبدِ اللهِ التَّلِيدِيَّ ذَكَرَ في كِتَابهِ (تُرَاثِ المغَارِبةِ) نُسْخَةً ثَالِثَةً للكِتَابِ، فقالَ: (وقدْ وَقَفَ المُخْتَارُ السُّوسِي بِخِزَانةِ تِيْلَكَات على مَخْطُوطَةٍ قالَ: لَعَلَّها شَرْحُ القُنَازِعيِّ للمُوطَّأ، وَهُو شَرْح جَمَعَ بينَ رِوَايَتَيْ يحيى اللَّيْثِيِّ وابنِ بُكَيْرٍ، وتَضَمَّنَ الكَثِيرَ مِنْ أَقْوَالِ أَبي مُحَمَّدٍ الأَصِيلِيِّ حَسَبَ المخْطُوطةِ التي وَقَفَ عَلَيْهَا السُّوسِي) (١)، أقول: لقد سألتُ كَثيرًا مِنَ


(١) تراث المغاربة ص ١٠٩. وقوله: (وتضمن الكثير من أقوال أبي محمد الأصيلي ..) أقول: الصواب هو أبو محمد عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ القُرْطُبِي، المتوفى سنة =

<<  <  ج: ص:  >  >>