تَفْسِيرُ كَيْفَ يَتَحَاصَّانِ في تَرِكَةِ المُكَاتَبِ
هُوَ أَنْ يَعلَمَ قَدرَ مَا بَقِيَ الذي لَمْ يُنْظرهُ، فَيَعلَمُ قَدرَ مَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الكِتَابَةِ، ثُمَّ
يُقْسِمُ ذَلِكَ المَالَ الذي تَرَكَهُ المُكَاتَبُ بَيْنَهُمَا على قَدرِ مَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الكِتَابَةِ مِمَّا قَلَّ أو كَثُرَ.
قالَ عِيسَى: إذا انْعَقَدتِ الكِتَابَةُ بَيْنَ السَيِّدِ وعَبْدِه بِحَمَالَةٍ سَقَطَتْ عَنْهُ الحَمَالَةُ، ومَضَتِ الكِتَابَةُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ حَمِيلٍ.
وقالَ غَيْرُهُ: لَوْ تَعَجَّلَ المُكَاتَبُ العِتْقَ بالحَمَالَةِ التي تَحَمَّلَها عنهُ الحَمِيلُ لَجَازَ ذَلِكَ، وعُتِقَ العَبْدُ، وأُتْبِعَ السَيِّدُ الحَمِيلَ بالكِتَابَةِ إنْ عَجَزَ العَبْدُ عَنْ أَدَائها.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إذا كَاتَبَ السَيِّدُ ثَلاَثَةَ أَعبُدٍ كِتَابَة وَاحِدَةً ولَا رَحِمَ بَيْنَهُم، فَبْغضُهُم حَمِيلاً عَنْ بَعْضٍ، فإنْ مَاتَ أَحَدُهُم عَنْ مَالٍ أَدَّى عَنْهُم جَمِيعَ مَا عَلَيْهِم مِنْ مَالِ المَيِّتِ وعُتِقُوا، وأَتْبَعَهُم السَيِّدُ بِحُصَصِهِم مِنَ الكِتَابَةِ التِّي أُدِّيتْ عَنْهُم مِنْ مَالِ المَيِّتِ، يَقْضِي ذَلِكَ عَلَيْهِم على قَدرِ طَاقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم على السَّعِي في الكِتَابَةِ، ولا يُنْظَرُ في ذَلِكَ إلى أَثْمَانِهِم، لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الذي ثَمَنُهُ عُشْرُونَ دِينَارَاً أَقْوَى على السَّعِي في الكِتَابَةِ مِنَ الذي ثَمَنُهُ مَائةُ دِينَارٍ، فَلِهذَا يَقْضِي على كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم مَا أَدَّى عَنْهُم على قَدرِ قُوَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم على السَّعِي في الكِتَابَةِ.
قالَ: وإذا كَانُوا قَرَابَةً يَتَوَارَثُونَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُم عَنْ مَالٍ فَعُتِقُوا بِمَالِهِ لَمْ يتبعهم السَّيِّدُ حِينَئِذٍ بِمَا أَدَّى عَنْهُم مِنْ مَالِ المَيِّتِ، وكَانَ فَضْلُ المَالِ الذي هلَكَ عَنْهُ المَيِّتُ بَغدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِم للسَّيِّدِ، وإنَّمَا لَمْ يُتْبعهُمْ السَّيِّدِ في هذِه المَسْأَلَةِ بِمَا أَدَّى عَنْهُم مِنْ مَالِ المَيِّتِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ المَيِّتَ لَو أَعتَقُهُم مِنْ مَالِهِ في حَيَاتِهِ لَمْ يُتْبِعهم بِذَلِكَ، لأَنَّهُم قَرَابَة يَتَوَارَثُونَ، بِخِلاَفِ الذينِ لا يَتَوَارَثُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute