للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ القَضَاءِ في العُمْرَى واللُّقَطَةِ واسْتِهْلاَكِهَا

* رَوَى يَحْيىَ في حَدِيثِ العُمْرَى بأَنَّهَا للَّذي يُعْطَاهَا: (لَا تَرْجِعُ إلى الذي أَعْطَاهَا أَبَدًا) [٢٧٩٧]، ولَمْ يَرْوِ أَحَدٌ في هَذا الحَدِيثِ أَبَدًا إلَّا يَحْيىَ بنُ يحيى.

قالَ أَشْهَبُ: قَالَ مَالِكٌ: ولَيْسَ على حَدِيثِ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ في العُمْرَى العَمَلُ، ولَوَدِدتُ أَنَّهُ مُحِيَ مِنَ المُوطَّأ.

* قالَ أَبو المُطَرّفِ: سَأَلْتُ أبا مُحَمَّدٍ عَنْ هَذا الحَدِيثِ، فَقَالَ لِي: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، ومَعْنَاهُ قَائِمٌ، وذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرًا لَهُ ولِعَقِبهِ، فَامْتَدَّ العَقِبُ فإنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلى المُعْمِرِ ولَا إلى وَرَثَتِهِ مَادَامَ أَحَدٌ مِنْ عَقِبِ المُعْمَرِ حَيًّا، فَإذا انْقَرَضَ عَقِبُهُ رَجَعَتِ العُمْرَى [إلى] (١) المُعْمِرِ الذي كَانَ أَعْمَرَهَا إنْ كَانَ حَيًّا، أو إلى وَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيّتًّا، وإنَّمَا تَجْرِي هَذه الأَشْيَاءُ على شُرُوطِ أَصْحَابِهَا كَمَا قالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ لِمَكْحُولٍ حِينَ سَأَلهُ عَنِ العُمْرَى ومَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا، فقالَ لَهُ: (مَا أَدْرَكتُ النَّاسَ إلَّا على شُرُوطِهِم فِيمَا أُعْطُوهُ) [٢٧٩٨].

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: ومَنْ رَوَى: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بالعُمْرَى للوَارِثِ" (٢)، بِغَيْرِ تَفْسِيرٍ فَقَدْ أَخْطَأَ في تَاْوِيلِهِ، إذْ يَجْعَلُ العُمْرَى لَا تَرْجِعُ إلى مُعْمِرِهَا، وإلى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: إذا قَالَ الرَّجُلُ للرَّجُلِ: أَعْمَرْتُكَ وعَقِبِكَ، فإنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلى


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) رواه بهذا اللفظ ابن حبان في صحيحه (٢١٣٣)، من حديث زيد بن ثابت، ورواه بنحوه أبو داود (٣٥٥٩)، والنسائي ٦/ ٢٧١، وابن ماجه (٢٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>