للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْسِيرُ بَيع المُزَابَتهِ، إلى آخِر بَاب بَيْعِ الفَاكِهةِ

أَصلُ المُزَابَنَةِ في كَلَامِ العَرَبِ: المُدَافَعَةُ، ومِنْهُ قِيلَ: زَبَانِيَةُ النَّارِ، لأَنَّهُم يَدْفَعُونَ أَهْلَها فِيها، فَصَارَ المُتَعَامِلاَنِ بِمَا فِيه مُزَابَنَةً قَاصِدِينَ إلى دَفْعِ الحَقّ الذي كَانَ يَلْزَمُهُمَا في البَثعِ، فَمَن اشْتَرَى ثَمَراً في رُؤُوسِ النَّخْلِ بِتمرٍ كَيْلاً، أَو اشْتَرى عِنَباً بِزَبِيب كَيْلاً خَالَفَ قَوْلَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "التَّمْرُ بالتَّمْرِ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَيدَاً بِيَدٍ" (١) لِعَدَمِ المُمَاثَلَةِ والمُنَاجَزَةِ.

قالَ: والمُحَاقَلَةُ المَنْهِيُّ عَنْها هِيَ كِرَاءُ الأَرْضِ بالحِنْطَةِ، وهذا لَا يَجُوزُ، لأَنَّةُ يَدخُلُه طَعَام بِطَعَامٍ إلى أَجَلٍ، ورَوَى جَابَرُ بنُ عبدِ اللهِ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عَنِ المُزَابَنَةِ، والمُحَاقَلةِ، والمُخَابَرَة" (٢).

قالَ ابنُ خَالِدٍ (٣): كَريُ الأَرضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنها هِيَ المُخَابَرةُ، ومِنْ هذا قِيلَ للزارِعِ الخَبِيرُ، لأَنَّهُ يُخْبِرُ الأَرضَ بِزِرَاعَتِهِ إيَّاها.

قالَ مَالِكٌ: المُزَابَنَةُ بَيع مَكِيلٍ بِجُزَافٍ مِنْ صِنْفِهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ في الكَيْلِ.

* قالَ عِيسَى: الخَبَطُ وَرَقٌ تعْتَلِفُهُ الجَمَالُ، يُخْبَطُ لَها بالفَضَاءِ فَتَأْكُلَهُ، والقَضْبُ عَلَف تَعتَلِفُهُ الدَّوَابُّ، والكُرْسُفُ هُوَ القُطْنُ، فإذا لَمْ يَعلَمُ صَاحِبُ الخَبَطِ، أو القَضْبِ، أو القُطْنِ وَزْنَ ذَلِكَ ولَا عَدَدَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقالَ لَهُ: زِنْهُ


(١) رواه مسلم (١٥٨٣) و (١٥٨٤)، من حديث عبادة، ومن حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) رواه مسلم (١٥٣٥)، بإسناده إلى جابر به.
(٣) هو أحمد بن خالد بن الجبّاب القرطبي الإِمام الفقيه، وتقدم التعريف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>