للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صلَّى اللهُ على سيِّدنا مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وسلَّم تَسْلِيمًا

تَفْسِيرُ كِتَابِ العِتْقِ

قالَ مَالِكٌ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِه إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، واسْتُتِمَّ عِتْقُ جَمِيعِ العَبْدِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عُتِقَ مِنَ العَبْدِ مَا عُتِقَ، وسَوَاءٌ كَانَ عِتْقُ الشَّرِيكِ بإذنِ شَرِيكِهِ، أو بِغَيْرِ إذْنِهِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ.

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: أَهْلُ العِرَاقِ يَقُولُونَ (١): إذا لَمْ يَبْلُغْ مَالُ المُعْتِقِ ثَمَنَ العَبْدِ، فإنَ العَبْدَ يَسْتَسْعِي النَّاسَ في فِكَاكِ رَقَبَتِهِ، واحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بمَا رَوَاهُ قتَادةُ، [عَنِ النَّضْرِ بنِ أَنسٍ] (٢)، عَنْ بَشِيرِ بنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النبيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ في مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْصِهِ كُلَّه في مَالهِ إذا كَانَ لَهُ مَالٌ، وإلا لَسْتَسْعَى العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ" (٣).

قالَ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ: حَدِيثُ الإسْتِسْعَاءِ الإضْطِرَابُ فِيهِ كَثِيرٌ، وبَعْضُ الرُّوَاةِ لا يَذْكُرْ فيهِ الإسْتِسْعَاءَ.


(١) ينظر: شرح فتح القدير ٤/ ٤٦٦.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة لابد منها.
(٣) رواه البخاري (٢٤٩٢)، ومسلم (١٥٠٣)، بإسنادهما إلى قتادة به. قال ابن الأثير في النهاية ٢/ ٣٧٠: استسعاء العبد إذا أعتق بعضه ورق بعضه، هو أن يسعى في فكاك ما بقي من رقّه، فيعمل ويكسب، ويصرف ثمنه إلى مولاه، فسمِّي تصرفه في كسبه سعاية. وقوله: (غير مشقوق عليه) أي لا يكلفه فوق طاقته، وقيل: معناه استسعى العبد لسيده، أي يستخدمه مالك باقيه بقدر ما فيه من الرق، ولا يحمله مالا يقدر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>