للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صلَّى اللهُ على مُحّمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ وسلَّم تَسْلِيمًا

تَفْسِيرُ كِتَابِ النِّكَاحِ

* قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ على خِطْبَةِ أَخِيهِ" [١٩٠٩]، قالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ رُكُونِ المَرْأَةِ إلى الزَّوْجِ الذي خَطَبَها ورِضَاهَا بهِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَخِطَبَ المرأة على خِطْبَةِ هذا الخَاطِبَ، ولَمْ يَعْنِ بهذَا الحَدِيثِ مَنْ لمْ تَرْكَن المَرْأَةُ إليهِ ولَا رَضِيَتْ بهِ أَنْ يَخْطِبَ أَحَدٌ على خِطْبَتِهِ، وقَدْ خَطَبَ مُعَاوِيَة وأَبو جَهْمِ فَاطِمَةَ بنتَ قَيْسٍ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَأَتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأَعْلَمَتْهُ بِخِطْبَتِهمِا جَمِيعًا إيَّاهَا في وَقْتٍ وَاحِدٍ، وشَاوَرَتْهُ في أَيِّهِما تتَزَّوج (١)، فلمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وذَلِكَ أَنَّها لمْ تَكُنْ في وَقْتِ مَشُورَتها لَهُ قد رَكَنَتْ إلى وَاحِدٍ منهما، وهذَا الحَدِيثُ هُوَ مِثْلُ حَدِيثهِ الآخِرِ: "لَا يَسُومُ أَحَدُكُمْ على سَوْمِ أَخِيهِ" (٢)، إنَّما هذا أَيْضًا عندَ المُفَارَقَةِ والفَرَاغِ، لا في أَوَّلِ التَّسَاوُمِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: إذا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ بعدَ أَنْ قدْ كَانَتْ رَكَنَتْ إلى غَيْرِه ودَخَلَ بِها، فإنَّهُ يَتَحَلَّلُ الذي رَكَنَ إليه وُيعَرِّفُه بِمَا صَنَعَ، فَإِنْ حَلَّلَهُ وإلَّا فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ ذَلِكَ، ولَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا، وقَدْ أَثِمَ.

وقالَ ابنُ وَهْبٍ: فإنْ لمْ يَجْعَلْهُ الأَوَّلُ في حِل مِمَّا صَنَعَ، فَلْيُخَلِّ سَبيلَهَا ويُطَلِّقْهَا، فَإِنْ رَغِبَ فِيها الأَوَّلُ وتَزَوَّجَها فقدْ بَرِئَ هذا مِنَ الإثِمِ، وإنْ كَرِهَ


(١) حديث فاطمة بنت قيس هذا رواه مسلم (١٤٨٠).
(٢) رواه مسلم (١٤٠٨)، وابن ماجة (٢١٧٢)، من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>