للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ الحُكْم في قَتْلِ الصَّيْدِ،

إلى آخِر بَاب حَجِّ الرَّجُلِ عَنْ غَيْرِه

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] إلى آخِرِ الآيةِ، قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: ذَكَرَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الكَفَّارَةَ في قَتْلِ الصَّيْدِ في أَعْلَى وُجُوهِ القَتْلِ وَهُوَ العَمْدُ، لِيَدُلَّ سُبْحَانَهُ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ العَمْدِ مِنَ الخَطَأ تَجِبُ فِيهِ أَيْضًا الكَفَّارَةُ، كَمَا قَالَ في الإمَاءِ {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] , فكَانَ ذِكْرُ الجَلْدِ في إحْصَانِهِنَّ الذي هُوَ أَعْلَى يُبينُ أَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ المُتَزَوِّجَاتِ مِنَ الإمَاءِ يُحْكَمُ فِيهِنَّ بالجَلْدِ إذا زَنَيْنَ، وكَانَ قَتْلُ الصَّيْدِ لا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ اللهُ فِيهِ مِنَ الجَزَاءِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِدْيَة أو كَفَّارَةٌ، وقَدْ جَعَلَ اللهُ الكَفَّارَةَ في قَتْلِ المُؤْمِنِ خَطَأً، والدِّيَةَ في قَتْلِ الخَطَأ، فَلِهَذا أَلْزَمَ مَنْ قَتَلَ صَيْدًا خَطَأ وَهُوَ مُحْرِمٌ جَزَاءً مِثْلَ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.

قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: وقَدْ سَاوَى مَنْ خَالَفَ أَهْلَ المَدِينَةِ في هَذِه المَسْأَلةِ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ اللهُ في قَتْلِ الصَّيْدِ العَمْدِ، وبَيْنَ مَا سَكَتَ عَنْهُ في الخَطَأ في تَحْرِيمِ أَكْلِهِ، كَمَا قالَ أَهْلُ المَدِينَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ [يَسْتَوِي] (١) قَتْلُ الخَطَأ والعَمْدِ في وُجُوبِ الكَفَّارَةِ عَلَى القَاتِلِ كَمَا اسْتَوَى قَتْلُ الخَطَأ والعَمْدِ بأنْ لا يُؤْكَلُ، وقَدْ قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وعُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ، وعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، والحَسَنُ بنُ [أبي الحَسَنِ] (٢) البصري، وعَطَاءُ بنُ أَبي رَبَاح، وإبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وابنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ،


(١) جاء في الأصل: يستوفي، وهو خطأ مخالف للسياق.
(٢) في الأصل: (الحسن بن الحسين) وهو خطأ ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>