للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ النُّذُورِ فِي مَعْصِيةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-،

ولَغْوِ اليَمِينِ والكَفَّارَةِ في ذَلِكَ

قالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: (أَنَا أَنْحَرُ ابْنِي) [١٧٢٥]، فَإنْ نَوَى وَجْهَ مَا يُنحَرُ مِنَ الهَدِي، فَعَلَيهِ هَدِي بَدَنةً، فإنْ لم يَجِدْ فَتقَرةً، أو شَاةً إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، وإنْ لَمْ يَنْوِ وَجْهَ مَا يُقَرَّبُ بهِ إلى اللهِ فلَا شَيءَ عَلَيْهِ.

[قالَ أبو المُطَرًفِ] إنَّما قَالَ هذَا مَالِكٌ لأَنَّهُ إذا نَوَى بِقَوْلهِ: (أنا أَنْحَرُ ابْنِي) القُرْبَةَ إلى اللهِ تَعَالَى فقدْ نَوَى طَاعَة، فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَفدِي عنهُ، وإذا أَرَادَ نَحْرَ ابْنِهِ خَاصَّةً فقدْ نَوَى مَعْصِيَةً، ولا نَذْرَ في مَعْصِيَةٍ، فَلِهذَا لم تَكُنْ عليهِ كَفَّارَةٌ.

" [قالَ أبو المُطَرِّفِ]: مَعْنَى فُتيَا ابنِ عَبَّاسٍ المَرْأَةَ التَّي سَأَلتْهُ عَنْ نَذْرِهَا نَحْرَ ابْنِهَا فَأَمَرهَا بالكَفَّارَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ}، إلى قَوْلهِ: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢] [١٧٢٥] يقولُ ابنُ عَبَّاسٍ: إنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمَّا أَوْجَبَ على المُتَظَاهِرُ الكَفَّارَةَ، وَهوَ قَد قَالَ مُنْكَرًا مِنَ القَوْلِ وَزُورًا، كَذَلِكَ تَجِبُ الكَفَّارَةُ على هَذِه المَرْأَةِ بِقَوْلها: (أَنا أَنْحَرُ ابْنِي)، وكَفَّارَةُ مَنْ نَذَرَ بِنَحْرِ ابْنِهِ عندَ ابنِ عَبَّاسٍ كفَّارَةُ يَمِيني باللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

والذِي يَقُولُ بهِ مَالِكٌ في هذِه المَسْأَلِةِ أَنَّهَا إذا لَمْ تَنوِ وَجْهً مَا تَنْحَرُ مِنَ الهَدِي أَلَّا شَيْءَ عَلَيهَا، إلَّا أَنْ تَقُولَ: (أَنَا أَنْحَر ابْنِي عندَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ) في يَمِينٍ، ثم تَحْنَثُ، فلَا بُدَّ لَفي مِنَ الهَدِي، وهَدْيُها بَدَنَةٌ، أو بَقَرَةٌ، أَو كَبْشٌ، يُذْبَحُ بِمَكَّةَ، ويُفَرَّقُ لَحْمُهُ على المَسَاكِينِ.

سَأَلْتُ أبا مُحَمَّدٍ عَنْ حَدِيثٍ ابنِ المُبَارَكٍ، عَنْ يُونسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبي

<<  <  ج: ص:  >  >>