للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَضَاءُ فِيمَا يُعْطَى الصُّنَّاعُ،

إلى آخِرِ بَابِ الإعْتِصَارِ

قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: قَضَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِتَضْمِينِ الصُّنَّاعِ (١)، وقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبي طَالبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: (لا يَصْلُحُ للنَّاسِ إلَّا ذَلِكَ) (٢)، لا غِنَى بالنَّاسِ عَنْهُم، وإذ لَمْ يُعْطُوا مَا اسْتَعْمَلُوا عَلَيْهِ على وَجْهِ الأمَانَةِ فَكَانَ تَضْمِينُهُم أَصْلَحَ للعَامَّةِ.

وقالَ ابنُ القَاسِمِ: يَضْمَنُ الصُّنَّاعُ مَا عَمِلُوهُ، بأَجْرٍ عَمِلُوهُ أو بِغَيْرِ أَجْرٍ، إلَّا مَا قَامَتْ لَهُمْ بهِ البيِّنَةُ العَادِلَةُ عِنْدَ هَلاَكِهِ مِنْ نَارٍ، أو صَاعِقَةٍ، أَو حُرِقَتْ بَيْتُ الصَّانِعِ، فَيَكُونُ القَوْلُ في ذَلِكَ قَوْلَهُ، ويَحْلِفُ ويَبْرَأُ مِنَ التَّبِعَةِ في ذَلِكَ، لأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ.

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: لَمْ يَكُنْ على لاَبِسِ الثَّوْبِ الذي أَعْطَاهُ إيَّاهُ الصُّنَّاعُ حِينَ أْخَطَأَ بهِ فَلَبِسَهُ وَهُو يَظُنُّ أَنَّهُ ثَوْبَهُ فَلَم يَكُنْ عَلَيْهِ في لِبَاسِهِ غُرْمٌ، لأَنَّهُ لَبسَهُ غيْرَ مُتَعَدٍّ في لِبَاسِهِ، ولَو لَبسَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غيْرُ ثَوْبِهِ لَضَمِنَهُ إذا أَخْلَقَهُ، فإنْ لمْ يَخْلَقْهُ رَدَّهُ وغَرِمَ قِيمَةَ لِبَاسِهِ إيَّاهُ، وانْتِفَاعِهِ بهِ.

* حَدِيثُ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ الذي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في آخِرِه: "ارْتَجِعْهُ" [٢٧٨٢]، قالَ أَشْهَبُ: قَالَ مَالِكٌ: الذي أَرَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِبَشِيرٍ مَالٌ غَيْرَ ذَلِكَ العَبْدِ الذي نَحَلَهُ ابْنَهُ، فَلِذَلِكَ قالَ لَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْتَجِعْهُ".


(١) رواه سحنون في المدونة ٨/ ٨.
(٢) رواه البيهقي في السنن ٦/ ١٢٢، وذكر بأن أهل الحديث لا يثبتونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>