للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وسَلَّم تَسْلِيمَا

تَفْسِيرُ كِتَابِ العُقُولِ

* أَرْسَلَ مَالِكٌ فِي المُوَطَّأ حَدِيثَ الدِّيَاتِ [٣١٣٩]، وأَسْنَدَهُ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْروِ بنِ حَزْمٍ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ كِتَاباً، وبَعَثَهُ مَعَهُ إلى اليَمَنِ" (١)، وذَكَرَ القِصَّةَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَهَا مَالِكٌ فِي المُوَطَّأ، وجَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دِيَّةَ النَّفْسِ مَائةً مِنَ الإبلِ، وَقَوَّمَهَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فَجَعَلَها عَلَى أَهْلِ الذهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وعَلَى أَهْلِ الوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَم، وهَذا أَصْل في الإجْتِهَادِ لِذَوِي الرُّسُوخِ فِي العِلْمِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، ولَا حَدِيثٍ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وجَعَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الدِّيَةَ فِي قَتْلِ العَمْدِ رُخْصَة لِهَذِه الأُمَّةِ بِقَولهِ تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ١٧٨]، وتَفسِيرُهُ عِنْدَ مَالِكٍ: أنَّهُ مَنْ أَعْطَى مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ مِنَ العَقْلِ فَلْيتبِعِ القَاتِلَ بالمَعْرُوفِ، وليهوَد إليه المَطْلُوبَ بإحْسَانٍ، {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}، يَعْنِي: أنَّهُ خَفَّفَ عَنْ هَذِه الأُمَّةِ مَا كَانَ كَتَبهُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ، وذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة: ٤٥]، يَعْنِي: فِي التَّوْرَاةِ، {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}، وجَعْلَ لِهَذِه الأُمَّةِ


(١) رواه بطوله ابن حبان (٦٥٥٩)، والحاكم ١/ ٣٩٥، والبيهقي ٤/ ٨٩، بإسنادهم إلى سليمان بن داود به، وإسناده ضعيف، لأن سليمان بن داود هو سليمان بن أرقم وهو متفق على ضعفه، وقد غلط أحد الرواة في اسم والده، فقال: سليمان بن داود، ومع ضعفه فإن كثيرا من مفردات الحديث ثابت في أحاديث أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>