للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْسِيرُ بَاقِي أبْوَابِ كِتَابِ العُقُولِ

* قَوْلُ النبيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "جَرْحُ العَجْمَاءِ جُبَارٌ" [٣٢٣٤]، يَعْنِي: جَرْحَ البَهَائِمِ هَدْرٌ، ولَا دِيَةَ فِيهَا عَلَى أَرْبَابِ البَهَائِمِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَرْحُهَا بِسَبَبِ قَائِدِ الدَّابّةِ، أَو سَائِقِهَا، أو رَاكِبِهَا، فَيَلْزَمَهُمْ [حِينَئِذٍ] (١) ضَمَانُ مَا جَنَتِ (٢) الدَّابّهُ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ جِنَايَتِهَا كَانَتْ بِسَبَبِهِمْ، وهَذا إجْمَاع مِنَ الفُقَهَاءِ المَشْهُورِينَ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ (٣).

* قالَ عِيسَى فِي الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ نَزَلاَ فِي البئْرِ فَجَبَذَ الأَسْفَلُ الأَعْلَى فَخَرَّ عَلَيْهِ فَمَاتَا، فَوَجَبتْ دِيةُ الأَعْلَى عَلَى عَاقِلَةِ الأَسْفَلِ [٣٢٣٧]، وإنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ دِيةُ الأَعْلَى لأَنَّ مَوْتَهُ كَانَ بِسَبَبِ الذي جَبَذَهُ، ولَمْ يَكُنْ للأَسْفَلِ الجَابِذِ دِيَة ولَا عَقْل، لأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ، ولَيْسَ يَعْقِلُ عَمَّنْ قَتَلَ نَفْسَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَنْ أَمَرَ صَبيَّاً أَنْ يَفْعَلَ شَيْئَأ فِيهِ غَرَر فَفَعَلَهُ الصَّبِيُّ وتَلِفَ فِي ذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الآمِرِ (٤)، لأنَّهُ غَرَّرَ بالصَّبِيِّ، وكَانَ هَلاَكُهُ مِنْ سَبَبهِ (٥)، وأَمَّا إذا أَمَرَ بذَلِكَ كَبيراً فَهَلَكَ فِيهِ الكَبيرُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الآمِرِ شَيءٌ، لأَنَّ الكَبِيرَ قَدْ عَلِمَ قَدْرَ مَا أُمِرَ بِهِ، لأَنَّه إذا قِيلَ لَهُ: اطْلَعْ فِي هَذِه النَّخْلَةِ، أو أَنْزِلْ فِي


(١) زيادة من (ق).
(٢) في (ق): جنته.
(٣) في (ق): الفقهاء المشهورين بالمدينة.
(٤) في (ق): كانت الجناية على الآمر.
(٥) في (ق): هلاكه بسببه.

<<  <  ج: ص:  >  >>