للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ القِرَاضِ فِي العُرُوضِ والتَّعَدِّي،

ومَا لا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ

[قالَ] عَبْدُ الرَّحمنِ: إذا وَقَعَ القِرَاضُ بَيْنَ المُتَقَارِضَيْنِ بالعُرُوضِ كَانَ للعَامِلِ أُجْرَهُ في بَيع تِلْكَ العُرُوضِ واقْتِضَاءِ ثَمَنِهَا، ويُرَدُّ العَامِلُ إذا عَمِلَ على ذَلِكَ إلى قِرَاضِ مِثْلِهِ، ويَسْقُطُ مَا كَانَا عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا مِنَ التَّسْمِيةِ، لأَنَّهُ يَخْشَى أَن يَكُونَ رَبُّ المَالِ لَو عَلِمَ أَنَّهُ يَغْرِمُ للعَامِلِ أُجْرَتَهُ في بَيْع العُرُوضِ التي قَارَضَهُ بِهَا لَمْ يَرْضَ أَنْ يُقَارِضَهُ على مِثْلِ ذَلِكَ الجُزْءِ الذي قَارَضهُ عَلَيْهِ، فالعَدْلُ في أَمْرِهِمَا أَنْ يُرَدَّ إلى قِرَاضِ المِثْلِ يَوْمَ نَضَّ المَالُ الذي بِيعَ بِهِ تِلْكَ العُرُوضِ.

[قالَ] عَبْدُ الرَّحمنِ: لَا يَجُوزُ القِرَاضُ إلى أَجَلٍ، فإذا وَقَعَ ذَلِكَ بَيْنَ المُتَقَارِضَيْنِ فُسِخَ القِرَاضُ قَبْلَ العَمَلِ، فَإذا عَمِلَ العَامِلُ بالمَالِ رُدَّ إلى قِرَاضِ مِثْلِهِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَبَّ المَالِ إنَّمَا دَفَعَ مَالَهُ واشْتَرَطَ الأَجَلَ، طَمَعًا مِنْهُ في نَمَاءِ مَالِهِ، ولَو عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَمْ يَرْضَ أَنْ يُقَارِضَ العَامِلَ على مِثْلِ ذَلِكَ الجُزْءِ الذي قَارَضَهُ عَلَيْهِ، فَلِهَذا يُرَدُّ إلى قِرَاضِ مِثْلِهِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: إذا تَسَلَّفَ العَامِلُ مِنْ مَالِ المُقَارِضِ مَالًا فَابْتَاعَ بهِ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا وحَمَلَتْ فَإنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذا كَانَ لَهُ مَالٌ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُتْبِعَ بِقِيمَتِهَا دَيْنَا إلى مَيْسَرَة، ولَسْتُ آخَذُ في هَذِه المَسْأَلةِ بِقَوْلِ مَالِكٍ: أَنَّهَا تُبَاعُ إذا لَمْ يَكُنْ للعَامِلِ مَالٌ، وُيجْبَرُ رَأْسُ [المَالِ] (١) مِنْ ثَمَنِهَا.

[قالَ] عَبْدُ الرَّحمنِ: الذي قَالَهُ مَالِكٌ في هَذه المَسْأَلةِ هُوَ الصَّحِيحُ إنْ


(١) في الأصل: مال، وما وضعته هو الذي يقتضيه السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>