للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابٌ في حُسْنِ الخُلُقِ، والحَيَاءِ،

والغَضَبِ، والمُهَاجَرَةِ

رَوَى ابنُ بُكَيْبر عَنْ مالك، عَنْ يَحْيىَ بنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَل، أَنَّهُ قالَ: آخِرُ مَا أَوْصَانِي بهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي في الغَرْزِ أَنْ قَالَ: "أَحْسِنْ خُلُقَكَ للنَّاسِ" (١).

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هَذا الحَدِيثُ مُرْسَل، لأَنَّ يَحْيىَ بنَ سَعِيدٍ لَمْ يُدْرِكْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ.

و (الغَرْزُ) هُوَ: رِكَابُ رَحْلِ البَعِيرِ، وَهُوَ مِثْلُ رِكَابِ سَرْجِ الدَّابَّةِ.

وفِي هَذا الحَدِيثِ مِنَ الفِقْهِ: وُصَاةُ الإمَامِ عَامِلَهُ بالرِّفْقِ بِرَعِيّتِهِ، وأنْ يُحْسِنَ لَهُمْ خُلُقَهُ، وذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ أَحْسَنَ (٢) خُلُقَهُ للنَّاسِ رَفَقَ بِهِمْ، ولَمْ يُؤْذِهِمْ، ولَا تَجَبَّرَ عَلَيْهِمْ، وتَحْسِينُ الأَخْلَاقِ قَائِدٌ إلى كُلِّ خَيرٍ، والفَظَاظَةُ مَكْرُوهَةٌ، قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: ١٥٩].

* قَوْلُ عَائِشَةَ: "ما خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في أَمْرَيْنِ إلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًا" [٣٣٥١] , وذَكَرتِ، (٣) الحَدِيثَ إلى آخِرِه، فِيهِ مِنَ الفِقْهِ: رِفْقُ الإنْسَانِ بِنَفْسِهِ فِيمَا يُقَرِّبُهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى، لأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَدِيمُ بهِ العَمَلُ، وإذا حَمَّلَ نَفْسَهُ


(١) موطأ ابن بكير، الورقة (١٨١ أ)، نسخة تركيا، ورواه يحيى في موطئه (٣٣٥٠) عن مالك: أن معاذ بن جبل .... إلخ.
(٢) في (ق): حسَّن.
(٣) من (ق)، وفي الأصل: وذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>