للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صلَّى اللهُ على مُحمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ وسلَّم تَسْلِيمًا

تَفْسِيرُ كِتَابِ الطَّلاَقِ

* قَوْلُ ابنِ عبَّاسٍ للذِي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مَائَةَ تَطْلِيقَةٍ: (طَلُقَتْ مِنْكَ بِثَلاَثٍ، وسَبْعٌ وَتِسْعُونَ اتَّخَذْتَ آيَاتِ اللهَ هُزْوًا) [٢٠٢١] يَقُولُ: تَرَكْتَ الطَّلاَقَ الذي أَمَرَ اللهُ بهِ، وتَهَاوَنْتَ بِذَلِكَ، واسْتَهْزَأْتَ بأَمْرِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى، يَلْزَمُكَ مَا أَلْزَمْتَهُ نَفْسَكَ، ومَا نَطَقَ بهِ لِسَانُكَ.

قالَ مَالِكٌ: الطَلاَقُ الذِي أَمَرَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بهِ هُوَ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ في طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فيهِ طَلْقَةً، ثُمَّ يُمْهِلُهَا حتَّى تَحِيضَ ثَلاَثَ حُيَّضٍ، ولا يُتْبِعْهَا طَلاَقًا.

قِيلَ لَهُ: أَفَيُطَلِّقُهَا في كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً؟ فَمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ، وقَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بهَذِه البَلْدَةِ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

* قَوْلُ ابنِ مَسْعُودٍ للذِي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَمَانِي تَطْلِيقَاتٍ أَنَّها قَدْ بَانَتْ مِنْكَ بِثَلاَثٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (لَا تَلْبِسُوا على أَنْفُسِكُمْ) [٢٠٢٢]، يَعْنِي: لَا تَخْلِطُوا على أَنْفُسِكُم، فَتَتَعَدُّوا مَا أُمِرْتُمْ بهِ في الطَّلاَقِ، فإنَّهُ (كَمَا تَقُولُونَ)، يَعْنِي: يُلْزِمَكُمْ وإنْ كُنْتُمْ قَدْ تَعَدَّيْتُمْ فَطَلَّقْتُمْ بِغَيْرِ الطَّلاَقِ الذِي أَمَرَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بهِ، وَهُوَ طَلاَقُ السُّنَّةِ.

قالَ الأَبْهَرِيُّ: فالطَّلاَقُ يَقَعُ بِسُنَّةٍ وبِغَيْرِ سُنَّةٍ، لأَنَّهُ شَيءٌ يُخْرِجُهُ الرَّجُلُ مِنْ يَدَيْهِ، كَمَا قَدْ يَعْتِقْ غُلاَمَهُ على غَيْرِ سُنَةِ العِتْقِ، فَيَلْزَمُهُ عِتْقُهُ، لأنَّهُ شَيءٌ يُخْرِجُهُ السَّيِّدُ مِنْ يَدَيْهِ، فَيَلْزِمُهُ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>