للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ مَا يكُونُ مِنَ المُسَاوَمَةِ،

إلى آخِرِ كِتَابِ البِيُوعِ

* في رَدِّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خِيَارَاً مَكَانَ البَكْرِ الذي اسْتَسْلَفَهُ مِنَ الفِقْهِ: إجَازَةُ السَّلَفِ في الحَيَوانِ، ورَدُّ المُسْتَسْلِفِ أَفْضَلَ مِنَ العَيْنِ الذي اسْتَسْلَفَهُ إذا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا على شَرطٍ، أو عَادَةٍ جَرَتْ بَيْنَ المُسْلَفِ والمُسْتَسْلِفِ، ولا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ أَكْثَرَ عَدَداً مِنَ الذي اسْتَسْلَفَ، وكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَد اسْتَسْلَفَ ذَلِكَ البَكْرِ لِغَيرهِ، ولِذَلِكَ رَدَّهُ إلى صَاحِبهِ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ، ولَو اسْتَسْلَفَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَرُدهُ مِنْ إبلِ الصَّدَقَةِ، لأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ لا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ.

* قالَ أَبو المُطَرَّفِ: لَمْ يَجُزْ لِمَنْ أَسْلَفَ طَعَاماً في بَلَدٍ أَنْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ في غَيْرِ البَلَدِ الذي أَسْلَفَهُ فِيهِ، لأَنَّهُ يربَحُ في ذَلِكَ المُسْلَفِ حِمْلاَنَهُ مِنَ البَلَدِ الذي أَسْلَفَهُ فِيهِ إلى البَلَدِ الذي اشْتَرَطَ قَبْضهُ فِيهِ، والزِّيَادَةُ في السَّلَفِ رِبَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أُسْقِطَ شَرطُهُ، وأَخَذَهُ في البَلَدِ الذي دَفَعَهُ فِيهِ، وقَد قَالَ ابنُ عُمَرَ للذي سَألهُ عَمَّن أَسْلَفَ واشْتَرطَ الريَادَةَ فأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وقالَ: (شُقَّ الصَّحِيفَةَ) يَعنِي: أَسْقِطِ الشّرطَ الذي اشْتَرَطَهُ في الزِّيَادَةِ، (فإنْ أَعطَاكَ الذي عَلَيْهِ السَّلَفُ أَفْضَلَ عَنْ طِيبِ نَفْسم مِنْهُ فَاقْبَلْهُ)، يُرِيدُ: مَا لَمْ تَكُنْ عَادَةً جَرَيا عَلَيْها فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُ حِينَئِذٍ إلَّا مِثْلَ الذي أسْلَفَهُ إيَّاهُ، ولهذا الوَجْهِ كُرِهَتْ هدِيَّةُ المديَانِ (١)، لأَنَّها زِيَادَة في السَّلَفِ، وذَلِكَ رِبَا.


(١) المديان: هو الكثير الدَّيْن الذي علته الديون، وهو مفعال من الدَّيْن للمبالغة، ينظر: النهاية ٢/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>