للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ مَا يُوجِبُ عَلَى الرَّجُلِ العَقْلُ في مَالِهِ،

ومِيرَاثِ العَقْلِ، والتَّغْلِيظِ فِيهِ

* السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى العَاقِلَةِ عَقْلٌ فِي قَتْلِ العَمْدِ، [وإنَّمَا] (١) عَلَيْهِمْ عَقْلُ قَتْلِ الخَطَأ، وأنَّ دِيةَ العَمْدِ عَلَى الجَانِي، وأَنَّهَا لَا تُقَطعُ عَلَيْهِ كَمَا تُقَطَّعُ دِيةُ الخَطَا عَلَى العَاقِلَةِ (٢)، ولَكَنْ يَنْبَغِي لِوَليّ الدَّمِ أَنْ يُتْبِعَ القَاتِلَ بِمَعْرُوفٍ، ويُؤَدِّي إليه المَطْلُوبَ بإحْسَانٍ، ولَيْسَ فِي ذَلِكَ أَجَلٌ يُحْكَمُ بهِ (٣) عَلَى أَوْلِيَاءِ القَتِيلِ، وتُورَثُ الدِّيةُ عَلَى فَرَائِضِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وتَرِثُ مِنْهَا الزَّوْجَةُ فَرْضَهَا فِي كِتَابِ اللهِ، لِقَوْلهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}، كَمَا قَالَ [فِي مَوْضِعٍ آخَرَ جَلَّ وعَزَّ] (٤): {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: ١٣٢]، ولَىْ يَسْتَثْنِ بَعْضَ الأَهْلِينَ فِي تَسْلِيمِهِم الدِّيةَ إليهِم، إلَّا مَنْ مَنَعَتْهُ الشَّرِيعَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ القَاتِلُ الذِي يَقْتُلُ وَليَّهُ لِيَرِثَهُ، فَهَذا يُمْنَعُ مِيرَاثُهُ، لِقَولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاث" (٥)، فَصَارَ هَذا مَمْنُوعَاً مِنَ المِيرَاثِ، بِسَبِبِ مَا أَحْدَثَهُ مِنَ القَتْلِ، فَوَجَبَ بهَذا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ لَيْسَ بمَنُوع أنْ يَرِثَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنَ الدِّيةِ، وقَدْ وَرَّثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة أشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيةِ زَوْجِهَا، وحَكَمَ بهِ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ [٣٢٢٨]، كَمَا حَكَمَ عَلَى الذِي رَمَى ابْنَهُ بالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ بالدِّيَةِ مُغَلَّظَةً، ولَمْ يَقْتُلْهُ بهِ


(١) من (ق)، وفي الأصل: إنما.
(٢) قوله (تقطع) أي تنجَّم وتقسَّط على العاقلة.
(٣) في (ق): فيه.
(٤) من (ق).
(٥) رواه ابن ماجه (٢٦٤٦)، والبيهقي ٦/ ٢٢٠، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

<<  <  ج: ص:  >  >>