للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المُحْصَرِ عَنِ البَيْتِ بَعِدُوٍّ أو بِمَرَضٍ،

إلى آخِرِ بَابِ اسْتِلَامِ الرُّكْنِ

حُكْمُ مَنْ حَبَسَهُ العَدُوُّ مِنَ المُحْرِمِينَ عَنِ البَيْتِ حَتَّى يَفُوتَ الحَجّ أنَّهُ يَحِلُّ مِنْ كُلِّ شَيءٍ في المَكَانِ الذي حُبسَ فِيهِ، ويَنْحَرُ هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَهُ، ويَحْلِقُ ويَنْصَرِفُ، فإنْ كَانَ حَجّهُ هَذا تَطوُّعًا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ، وإنْ كَانَ صَرُورَةً فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الفَرِيضَةِ، وَهَذِه السُّنَّةُ فِيمَنْ صُدَّ عَنِ البَيْتِ بِعَدُو، وذَلِكَ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابهِ عَامَ الحُدَيْبِيَّةِ بِقَضاءِ العُمْرَةِ التِّي صَدَّهُ المُشْرِكُونَ فِيهَا عَنِ البَيْتِ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: ولَيْسَ عَلَى مَنْ صُدَّ عَنِ البَيْتِ في حَج أو عُمْرَة هَدْيٌ.

وقالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ الهَدِي إذا صُدَّ، كَمَا نَحَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الهَدْيَ بالحُدَيْبِيَّةِ (١).

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ ابنِ القَاسِمِ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ في هَذِه المَسْألَةِ، وذَلِكَ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّمَا نَحَرَ بالحُدَيْبيّةِ الهَدْيَ الذي كَانَ قَدْ أَشْعَرَهُ وقَلَّدَهُ حِينَ أَحْرَمَ مِنَ المِيقَاتِ بِعُمْرَتهِ، فَلَمَّا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ أَمَرَ بهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَنُحِرَ، لأَنَّهُ كَانَ هَدْيًا قَدْ وَجَبَ بالإشْعَارِ والتَّقْلِيدِ، وَلَمْ يَنْحَرْهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَببِ الصَّدِّ، فَلِهَذا لا يَكُونُ على مَنْ صُدَّ عَنِ البَيْتِ في حَجٍّ أو عُمْرَة بعَدُوٍّ هَدْيٌ، وأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ عَنِ البَيْتِ بِمَرَضٍ مَنَعَهُ مِنَ الحَجِّ حَتَّى فَاتَهُ فإنَّهُ لا يَحِلَّهُ إلَّا


(١) نقل قول ابن القاسم وأشهب: ابن عبد البر في التمهيد ١٥/ ١٩٨، وعقب على قول أشهب بقوله: وهو قول الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>