للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابَ الحَدِّ في القَذْفِ والتَّعْرِيضِ

* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا جَلَدَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ العَبْدَ الذي افْتَرَى عَلَى الحُرِّ ثَمَانِينَ جَلْدَة مِنْ جِهَةِ حُرْمَةِ الحُرِّ [٣٠٦٠] , ولَيْسَ عَلَيْهِ العَمَلُ، وإنَّمَا عَلَى العَبْدِ نِصْفُ حَدِّ الحُرِّ، وكَذَلِكَ هُوَ في جَمِيعِ أَحْكَامِهِ مِنَ الطَّلَاقِ، إلَّا في كَفَّارَاتِهِ، فَحُكْمُهُ فِيهَا حُكْمُ الحُرِّ.

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اخْتُلِفَ قَوْلُ مَالِكٍ في إجَازَةِ عَفْوِ الرَّجُلِ المَقْذُوفِ عَنْ قَاذِفِه إذا بَلَغَ بهِ الإمَامَ، فَقَالَ: إذا أَرَادَ سِتْرًا جَازَ عَفْوَهُ عَنْهُ، وذَلِكَ أَنْ يَكُونَ المُفْتَرَى عَلَيْهِ يَخَافُ إنْ كُشِفَ ذَلِكَ مِنْهُ أنْ تَقُومَ [عَلَيْهِ] (١) بذَلِكَ بَيِّنَةٌ، فإذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَفْوُهُ جَائِزٌ (٢).

* وقالَ أَيْضًا: إنَّ لَهُ العَفْوَ عَنِ الحَدِّ وإنْ بَلَغَ الإمَامَ، أَرَادَ سِتْرًا أَو لَمْ يُرِدْهُ، نَحْوَ مَا كَتَبَ بهِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ إلى رُزيقِ بنِ حَكِييم في الذي افْتَرَى عَلَيْهِ ثُمَّ عَفَا عَنِ المُفْتَرِي بَعْدَ أَنْ رَفَعَهُ إلى السُّلْطَانِ، فقَالَ لَهُ: (أَجِزْ عَفْوَهُ) [٣٠٦١] , وأَمَّا إذا كَانَ الحَدُّ مِنْ حُدُودِ اللهِ [جَلَّ وَعَزَّ] (٣) لَمْ يَجُزْ للإمَامِ إذا بَلَغَهُ العَفْوُ عَنْهُ، لِقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِصَفْوانَ حِينَ عَفَا عَنْ سَارِقِ رِدَائِهِ بَعْدَ مَا بَلَغَهُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلَّا قَبْلَ

أَنْ تَأْتِينِي بهِ" (٤).


(١) زيادة من (ق)، وقد شطب عليه في الأصل.
(٢) ينظر هذا القول في كتاب: الكافي لإبن عبد البر ١/ ٥٧٧.
(٣) من (ق).
(٤) رواه أبو داود (٤٣٩٤)، والنسائي (٤٨٧٩)، وابن ماجه (٢٥٩٥)، من حديث صفوان بن أمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>