بابُ وَدَاعِ البَيْتِ، وَجَامِعِ الطَّوَافِ، والسَّعْي
* رَوَى القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ: (أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ النَّاسَ بالرَّحِيلِ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاع، ثُمَّ أتى البَيْتَ فَطَافَ بهِ سَبْعًا، ثُمَّ خَرَجَ) (١)، وهَذا لَمْ يَرْوِ ٥ مَالِكٌ في المُوَطَّأ، وإنَّمَا رَوَى قَوْلَ عُمَرَ: (لا يَصْدُرَنَّ أَحَدٌ مِنَ الحَاجِّ حَتَّى يَطُوفَ بالبَيْتِ، فإنَّ آخِرَ النُّسُكِ الطَّوَافُ بالبَيْتِ) [١٣٦٥].
وطَوَافُ الوَدَاعِ مَأْمُورٌ بهِ، ولَيْسَ بِفَرْضٍ، والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في صَفِيَّةَ حِينَ حَاضَتْ بَعْدَ طَوَافِهَا للإفَاضَةِ وقَبْلَ طَوَافِهَا للوَدَاعِ، فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ: إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، فقالَ: (أَخْرُجْنَ)، فَلَمْ يُوجِبْ على صَفِيّهَ طَوَافَ الوَدَاعِ إذْ مَنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ حَيْضَتَهَا، وخَرَجَتْ مَعِ أَزْوَاجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ تَطُفْ للوَدَاعٍ، فَدَلَّ هَذا عَلَى أَنَّ طَوَافَ الوَدَاعِ لَيْسَ بِفرْضٍ، وإنَّمَا الفَرْضُ طَوَافُ الإفَاضةِ.
[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَيْسَ العَمَلُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى رَدِّ عُمَرَ للَّذِي تَرَكَ طَوَافَ الوَدَاعِ، فَرَدَّهُ إليهِ مِنْ مَرِّ ظَّهْرَانَ لِبُعْدِه مِنْ مَكَّةَ، وذَلِكَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةَ سِتَّة عَشَرَ مِيلًا، وإنَّمَا يَرْجِعُ إليهِ مَن إذا ذَكَرَهُ وَهُو بِقُرْبِ مَكَّةَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ في انْصِرَافِهِ إليهِ ضَرَرٌ لَهُ.
* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سَلَمَةَ: "طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وأَنْتِ رَاكبَةٌ" [١٣٧١] فِيهِ مِنَ الفِقْه: إبَاحَةُ دُخُولِ البَعِيرِ المَسْجِدِ، وَطَوافُ النِّسَاءِ مَعَ الرَجَالِ.
(١) رواه أبو داود (٢٠٠٥)، بإسناده إلى القاسم بن محمد به.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute