للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَوْلُهَا: "فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي إلى جَانِبِ البَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ بـ {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} "، وفِيهِ: إبَاحَةُ الجَهْرِ في النَّافِلَةِ بالنَّهَارِ.

[قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا صَلَّى إلى جَانِبِ البَيْتِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ المَقَامَ حِينَئِذٍ كَانَ مُلْصَقَا بالبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُلَهُ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ المَكَانِ إلى المَوْضِعِ الذي هُوَ فِيهِ الآنَ.

* [قالَ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَمَرَ ابنُ عُمَرَ المَرْأَةَ التِّي سَأَلتْهُ عَنْ غَلَبَةِ الدَّمِ عَلَيْهَا، وَكَثْرَةِ خُرُوجِهِ مِنْهَا بِمَا تُؤْمَرُ بِهِ المُسْتَحَاضَةُ أَنْ تَغْتَسِلَ، وتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ، ثُمَّ تَطُوفُ كَمَا تَفْعَلُ في الصَّلَاةِ [١٣٧٢] وَلَو كَانَ ذَلِكَ الدَّمُ دَمَ حَيْضَةٍ لَمْ يَأْمُرْهَا بِدُخُولِ المَسْجِدِ، ولَا بالطَّوَافِ بالبَيْتِ، كَمَا لَمْ يَأْمُرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ بالطَوَافِ بالبَيْتِ مِنْ أَجْلِ حَيْضَتِهَا، فَالحَائِضُ لا تَدْخُلُ المَسْجِدَ كَمَا أنَّهَا لا تُصَلِّي، وَالمُسْتَحَاضَةُ تَدْخُلُهُ، كَمَا أنَّهَا تُصَلِّي.

* قَوْلُ عُرْوَةَ لِعَائِشَةَ حِينَ سَأَلَهَا عَنِ السَّعِي بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، وَهُوَ يَوْمِئذٍ حَدِيثُ السِّنِّ [١٣٨١] يَعْنِي: أنَّهُ كَانَ يَوْمِيِّذٍ صَغِيرُ السِّنِّ لَمْ يَفْقَهْ كُلَّ الفِقْهِ، وذَلِكَ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ السَّعِيَ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قُلْتَ، ثُمَّ ذَكَرَتْ أَنَّ الأَنْصَارَ كَانُوا في الجَاهِليّهِ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، تَعْنِي: أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ الصَّنَمَ الذي كَانَ بِمَنَاةَ التِّي هِيَ بِقُرْبِ الجُحْفَةِ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وكَانُوا لا يُعَظِّمُونَ الأَصْنَامَ التِّي كَانَتْ عَلَى الصَّفَا والمَرْوَةَ، تَحَرَّجْتِ الأَنْصَارُ أَنْ يَسْعَوا بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الأَصْنَامِ التِّي كَانَتْ عَلَيْهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَا لَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] فَجَعَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- السَّعْيَ بَيْنَ الصَفَا والمَرْوَةِ مِنْ شَعَائِرِ الحَجِّ.

وذَكَرَ ابنُ سَلَامٍ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ قالَ: (كَانَ عَلَى الصَّفَا الصَّنَمُ الذي يُقَالُ لَهُ: إسَافٌ، وعَلَى المَرْوَةِ الصَّنَمُ الذي يُقَالُ لَهُ: نَائِلَةُ، فَلَمَّا جَاءَ الإسْلَامُ وأَذْهَبَ اللهُ تِلْكَ الأَصْنَامَ كَرِهُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَهُمَا، فأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّ الصَّفَا

<<  <  ج: ص:  >  >>