للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ قَبْلَ نزولِ آيةِ الرِّبا، قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِيها: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: ٢٧٩]، ثُمَّ عَلَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عامِلَهُ كَيْفَ يَصِلُ إلى أَخْد الطَّيِّبِ مِنَ التمرِ، فقالَ: "بعٍ الجَمعَ بالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ جَنِيباً"، يُرِيدُ: إذا لم يَكُن البَيع والإبْتَيَاعُ مِنْ رَجُلى وَاحِدٍ، لأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ التمرُ بالتّمرِ مُتَفَاضِلاً، وتَكُونُ الدَّرَاهِمُ بِيْنَهُما مُلْغَاةً.

قالَ أَبو عُمَرَ: لا بَأْسَ أَنْ يَخْلِطَ التَّمْرَ وشِبْهِه بَعْضَهُ بِبَعْضٍ للأَكْلِ الطَّيِّب مَعَ الدُّونِ، وأَمَّا عِنْدَ البَيع فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْلِطَ دَنِيءٌ بجَيِّدٍ لأَنَّهُ غِشٌّ ولا يَحِلُّ الغِشَّ.

* قالَ أَبو مُصعَبٍ الزُّهْرِيُّ: مَعنَى قَوْلِ [سَعِد] (١) حِينَ سُئِلَ عَنِ البَيْضَاءِ بالسُّلْتِ، فقالَ: (أيَّهُمُا أَفْضَلُ؟)، يُرِيدُ: أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ في الكَيْلِ، فَلِهذا نَهى عنهُ إلَّا مِثْلاً بِمِثْل، ومَنْ بَاعَ صَاعَاً مِنْ تَمر بِصَاعٍ مِنْ رُطَب دَخَلهُ التَّفَاضُلُ بينَ التَفرِ، لأَنَّ الصَّاعَ مِنَ الرُّطَبِ إذا يَبَسَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ صَاع مِنْ تَمْرٍ فَيَكُونُ التَّمْرُ بالتَّمْرِ لَيْسَ مِثْلا بِمِثْلٍ، ولا بَأسَ بالرُّطَبِ بالرطَبِ مِثْلاً بِمِثْل إذا كَانَ يَداً بِيَدٍ.

قالَ أَبو عُمَرَ: مَغنَى قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحَدِيثِ: "أينْقُصُ الرّطَبُ إذا يَبِسَ؟ قالَ: نَعم" هذا الحَدِيثُ أَصل في الرَّدِّ إلى أَهْلِ الصَّنَاعَاتِ في العُيُوبِ، وذَلِكَ أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اسْتَفهمَ أَهْلَ النَّخْلِ عَمَّا يَعرِفُونَهُ فَعَرَّفوهُ.

* * *


(١) جاء في الأصل: (سعيد)، وهو خطأ، وسعد هو ابن أبي وقاص - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>