للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قولُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ لِصَاحبِ الحَوْضِ: (لا تُخْبِرْنا، فإنَّا نَرِدُ على السِّبَاع، وَتَرِدُ السِّبَاعُ عَلينا) [٦٢] يقُولُ: لا تُخْبِرْنَا بِشُرِبِ السِّبَاع مِنْ حَوْضِكَ، فإنَّا نتَوضَّأ ونشرَبُ مِنْ فَضْلَتِها، وهذا يَدُلُّ على الحُكْمِ في المَاءِ لِغَلَبةِ الطَّهَارِة عليهِ.

قالَ أبو المُصْعَبِ الزُّهْرِيُّ (١): المَاءُ عِنْدَنا على الطَّهَارِةِ، إلا أنْ يَتَغيَّرَ لَوْنُهُ، أو طَعْمُهُ، أو رَاِئِحَتُهُ مِنْ شَيءٍ نَجَسٍ حلَّ فيه إلا قَلِيلَ المَاءِ، فإنَّ النَّجَاسَةَ اليَسِيرَةَ تُفْسِدُه وإنْ لم تغيِّرْهُ.

* قولُ ابنِ عُمَرَ: (إنْ كانَ الرِّجَالُ والنِّسَاءُ لَيَتَوضَّئُونَ جَمِيعَاً في زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) [٦٣]، قالَ عِيسَى (٢): يعني أنَّ الرَّجُلَ وامْرَأتَهُ كانَا يَتَوضَّئانِ مِنْ إنَاءِ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ فيه أَيديهُما.

قال أبو مُحَمَّدٍ (٣): في هذا دَلِيلٌ على إباحَةِ الوُضُوءِ بالمَاءِ المُسْتَعَملِ الذي قد توضَّأ به، وإنما كُرِه الوُضُوءُ بالمَاءِ الذي قد توضَّأ به مِنْ أَجْلِ أنَّةُ قد أُدِّي به فَرْضٌ، كما كُرِه أنْ يُرْمَى مِنَ الجِمَارِ بما قد رُمِيَ به.

وقالَ ابنُ القَاسِم (٤): مَنْ تَوضَّأ بما قد تَوضَّا به وصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُه إذا كانَ

المُتَوضِّيءُ به أوَّلًا طَاهِرَ الأعْضَاءِ وإلَّا فلا يتوضَّاُ به.

* قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -في ثَوْبِ المَرْأةِ: "يُطَهِّرُهُ ما بَعْدَهُ" [٦٥]، يُرِيدُ: إذا جَرَّتْ ثَوْبَها على نَجَاسةٍ يَابِسَةٍ ثُمَّ جَرَّتهُ بعد ذلك على تُرَابٍ طَاهِبر فقد أَزَالَ عَنْ ثَوْبِها ما كَانَ


(١) هو أحمد بن أبي بكر بن الحارث القُرَشي الزُّهري، أحد من روى عن الإِمام مالك، وكان فقيها محدثا ثقة، تُوفِّي سنة (٢٤٢)، وروى عنه البخاري ومسلم وغيرهما.
(٢) هو عيسى بن دينار بن واقد، أبو محمد الغَافِقي القُرْطبي القاضي، الإِمام الفقيه المفتي الزاهد، صحب عبد الرحمن بن القاسم، وتخرَّج به، وله مصنّفات، تُوفِّي سنة (٢١٢)، ينظر: سير أعلام النبلاء ١٠/ ٤٣٩، وجمهرة تراجم الفقهاء المالكية ٢/ ٩٠٢.
(٣) هو عبد الله بن عثمان الأسدي القرطبي، المحدث الفقيه الثقة، ولد سنة (٢٨٣)، والمتوفى سنة (٣٦٤)، ينظر: تاريخ علماء الأندلس لإبن الفرضي ١/ ٢٣٢.
(٤) هو عبد الرحمن بن القاسم المصري، الإِمام العلامة الفقيه، صحب الإِمام مالك وغيره، وتوفي سنة (١٩١)، ينظر: السير ٩/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>