للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قِبْلَتِه) , وذَكَرتِ الحَدِيثَ إلى آخِرِه، فيهِ مِنَ الفِقْه: أنَّ المُلاَمَسَةَ إذا لم يُقْصَدْ بِها اللَّذَّةَ لمْ تَنْقُضِ الوُضُوءَ، وذَلِكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَمَسَّ عَائِشَةَ بِيَدِه عندَ سُجُودِه لِكَي يَسْجُدَ على الأَرْضِ، فَكَانَتْ تَقْبضُ رِجْلَيْهَا ثُمَّ يَسْجُدُ ويَتَمَادَى في صَلَاتهِ، وفيهِ الزُّهْدُ في الدُّنيا، وأَخْذُ البُلْغَةِ مِنْهَا، وتَرْكُ الإتِّسَاعِ في البُنْيَانِ.

قال ابنُ القَاسِمِ: لا يُصَلِّي أَحَدٌ نَافِلَةً أو فَرِيضَةً وَرَاءَ نَائِمٍ إلَّا مِنْ ضِيقِ بَيْتٍ أو سَفِينَةٍ، بِسَببِ مَا يَحْدُثُ مِنَ النَّائِمِ.

* قالَ أبو مُحَمَّدٍ: كَانَتِ الحَوْلاَءُ قَرِيبَةً لِخَدِيجَةَ، وكَانَتْ تَبِيتُ في المَسْجِدِ، وتُكْثِرُ الصَّلَاةَ فيهِ باللَّيْلِ، فَخَشِي عَلَيْهَا رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم - الفَتْرَةَ، فقالَ: "إنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لا يَمَلُّ" أي لَيْسَ مِنْ صِفَتِه المَلَلُ وأَنْتُم تَمَلُّونَ.

وقالَ فيهِ ابنُ مُزَيْنٍ: مَعْنَاهُ أنَّ الله تَبَاركَ وتَعَالَى لا يَمَلُّ مِنْ كِتَابِ الحَسَنَاتِ للعَبْدِ مَا دَامَ العَبْدُ يَعْمَلهَا، فإذا تَرَكَ العَمَلَ لمْ يُكْتَبْ لَه شَيْئَاً، وخَيْرُ العَمَلِ مَادَامَ عليهِ صَاحِبُه وإنْ قَلَّ، يُرِيدُ مِنَ النَّوَافِلِ.

* قَوْلُ عُمَرَ لأَهْلِه باللَّيْلِ (الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ) فِيه مِنَ الفِقْهِ: تَأْدِيبُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ على صَلاَةِ النَّافِلَةِ باللَّيْلِ، ولمْ يُكَلِّفْ عُمَرُ لأَهْلِهِ مِنْ طُولِ القِيَامِ مِثْلَ مَا تَكَلَّفَهُ هُو، وكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُه بأَهْلِه.

* قالَ أبو المُطَرِّفِ: حَدِيثُ مَالِكٍ عَن الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ في عَدَدِ رَكَعَاتِ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بنُ أَبي سَعِيدٍ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ وخَالَفَ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ فقالَتْ فيهِ: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ بثَلاَثَ عَشَرةَ رَكْعَة, والصَّحْيحُ في هَذا عَنْ عَائِشَةَ مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وسَعِيدُ بنُ أَبي سَعِيدٍ: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ بإحْدَى عَشَرةَ رَكْعَةً" والغَلَطُ فيهِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ (١).


(١) أشار الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٨٥ إلى الإختلاف في حديث عائشة، وذكر أن هشاما خالف عامة الرواة عن أبيه، وقال ابن عبد البر في الإستذكار ٢/ ٣٥٤: أما =

<<  <  ج: ص:  >  >>