للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ الإمَامِ، ولكِنَّهُ أَمَرَ مَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ يُصَلُّونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ التي صَلَّاهَا هُوفي بَيْتِه أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُم في صَلاَتِهِم هَذِه، ولا يَجْلِسُ في المَسْجِدِ، لِئَلَّا يُوقِعَ على نَفْسِه بِجُلُوسِه والنَّاسُ يُصَلُّونَ ظَنَّ سُوءٍ، وأَمَرَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالصَّلاةِ لِكَي يُدْرِكَ فَضْلَ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ، ثُمَّ قالَ: "مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ سَهْمَانِ مِنَ الأَجْرِ" (١).

* قالَ مَالِكٌ: (وتُعَادَ الصَّلَواتِ كُلُّهَا مَعَ الإمَامِ إلَّا صَلاَةَ المَغْرِبِ وَحْدَهَا) , إنَّما قالَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أنَّهُ إذا أَعَادَ المَغْرِبَ مَعَ الإمَامِ بعدَ أنْ كَانَ قد صَلَّاهَا في بَيْتِه صَارَتْ شَفْعَاً، وَهِي وِتْرُ صَلاَةِ النَّهَارِ.

قالَ أبو عُمَرَ: إنَّما صَارَتْ شَفْعَاً لأنَّهُ صَلَّاهَا ثَانِيَةً بِنِيَّهِ المَغْرِبِ، ولَو صَلاَّها ثَانِيةً على أنَّها نَافِلَةً خَالَفْ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ النَّافِلَةَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ وأنَّها رَكْعَتَانِ، وقَوْلَ مَنْ يَقُولُ: إنَّها أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ.

* قالَ ابنُ عُمَرَ وابنُ المُسَيَّبِ للذِي سأَلَهُمَا عَنْ صَلَاتهِ في بَيْتِه وَحْدَهُ ثُمَّ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ مَعَ الإمَامِ، وقالَ: (أَيَّتُهُمَا أَجْعَلُ صَلاَتِي؟ فقالاَ لَهُ: أَوَ أَنْتَ تَجْعَلُهُمَا؟ إنَّما ذَلِكَ إلى اللهِ يَجْعَلُ أَيَّتُهُمَا شَاءَ) إنَّما يَعْنِيَانِ بِذَلِكَ القَبُولَ، أَيْ أنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- يَتَقبَّلُ مِنْكَ أَيَّ صَلاَةٍ شَاءَ، إنْ شَاءَ التي صَلَّيْتَها وَحْدَكَ أو التي صَلَّيْتَها مَعَ الإمَامِ.

وقالَ غَيْرُهُمَا: إنَّ الأُولَى هي صَلاَتُهُ، ولذَلِكَ قالَ مَالِكٌ: مَنْ صلَّى صَلَاتَهُ فَلاَ [يَتَقدَّمُهُم؛ لأنَّهُ قد صلَّاها في بَيْتِهِ] (٢) فَرُبَّما كَانَت الثَّانِيَةُ نَافِلَةً، فَتَخْتَلِفُ


(١) لم أجد اللفظة هكذا في موطأ يحيى، وإنما فيه من قول أبي أيوب الأنصاري: (فإن له سهم جمع، أو مثل سهم جمع)، ونقل ابن عبد البر في التمهيد ٢٤٩/ ٤ عن ابن وهب أنه قال: يعني يضعف له الأجر.
(٢) ما بين المعقوفتين أصابه المسح، وقد استظهرته بما وجدت نحوه في المدونة ١/ ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>