للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُطْحَنُ مِنْ مَاءِ تِلْكَ العَيْنِ وكَثُرتْ فيهِ الأَجنَّةُ المُسْقِيةُ مِنْ تِلْكَ العَيْنِ، وهذِه مِنْ عَلاَماتِ نُبُوَّتِه - صلى الله عليه وسلم -.

قالَ مَالِكٌ: لا بَأْسَ أَنْ يُؤَخِّرَ المُسَافِرُ إذا جَدَّ بهِ السِّيرُ المَغْرِبَ إلى قُرْبِ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، فَيَجْمَعُ حِينَئِذٍ بينَ الصَّلَاتَيْنِ، ولا يُقَدِّمُ صَلاَةَ العِشَاءِ إلى المَغْرِبِ، ولا بَأسَ أنْ يُقَدِّمِ العَصْرِ إلى الظُّهْرِ فَيَجْمَعُهُمَا, ولا بَأْسَ أنْ يُؤخِّرَ الظُّهْرَ إلى أوَّلِ وَقْتِ العَصْرِ.

وقالَ غَيْرُه: لا بَأْسَ أنْ يَجْمَعَ المُسَافِرَ بينَ الصَّلَواتِ وإنْ لم يَجِدَّ بهِ السَّفَرُ.

قالَ أبو المُطَرَّفِ: الجَمْعُ بينَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ لَيْلَةَ المَطَرِ سُنَّةٌ، فَعَلَ ذَلِكَ الخُلَفَاءُ بالمَدِينَةِ بعدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يُؤَذَّنُ المَغْرِبُ في أَوَّلِ وَقْتِهَا، ثُمَّ تُؤَخَّرُ قَلِيلًا، ثُمَّ يُؤَذِّنُ للعَشَاءِ في دَاخِلِ المَسْجِدِ، ثُمَّ يُصَلَّى العِشَاءُ، ولا يُتَنَفَّلُ بينَ الصَّلَاتَيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ وعَلَيْهِم أَسْفَارٌ (١)، ولا يَكُونُ الوِتْرُ حتَّى يَغِيبُ الشَّفَقُ، وبهذا قالَ مَالِكٌ واللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ.

سألتُ أبا مُحَمَّدٍ عَن الرِّسَالةِ التي نَسَبَها أبو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ إلى اللَّيْثِ أنَّهُ كَتَبَ بِها إلى مَالِكِ بنِ أَنَسٍ (٢)، وأنكرَ عليهِ فِيها قَوْلَهُ بإبَاحَةِ الجَمْعِ بينَ المَغْرِبِ والعَشَاءِ لَيْلَةَ المَطَرِ، فقالَ لي أَبو مُحمدٍ: لَيْسَتْ تَصِحُّ تلكَ الرِّسَالةَ عَنِ اللَّيْثِ، والمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ اللَّيْثِ أنَّهُ أَبَاحَ الجَمْعِ بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ لَيْلَةَ المَطَرِ، وعندَ الطَّينِ، والظُّلْمْةِ كمَا قالَ مَالِكٌ وأَهْلُ المَدِينَةِ.

* * *


(١) أي قبل مغيب الشفق، والشفق الأسفار البياض الباقي من النهار.
(٢) رسالة الليث إلى الإِمام مالك رواها بطولها يحيى بن معين، كما في تاريخ الدوري (٥٤١١)، ونقلها ابن القيم الجوزية في إعلام الموقعين ٣/ ٨٣ نقلا عن يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ, ثم قال: وهو كتاب جليل غزير العلم جم الفوائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>