للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُنْ المُشْتَرِي هُوَ الذي تَصَدَّقَ بِها على المِسْكِينِ البَائِع لها، لأنَّهُ يَصِيرُ بِشِرَائِها منهُ رَاجِعَاً في صَدَقَتِهِ.

قالَ عِيسَى: (وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا) هُوَ الذي يَجْمَعُهَا للمَسَاكِين مِنْ عندَ المُتَصَدِّقِينَ بِها، فهذَا يُعْطَى مِنْهَا على قَدْرِ مَا يَسْعَى وَيتَكَلَّفُ، ولا يَنْظرُ إلى قَدْرِ مَا جَمَعَ مِنَ الصَّدَقَةِ والعُشُورِ، ولَيْسَ الثَّمَنُ بِفَرِيضَةٍ له، ولَكَنْ يُعْطَى على قَدْرِ اجْتِهَادِه وسَعْيهِ.

قالَ: ويَأخُذُ كُلُّ مَنْ سُمِّيَ في هذَا الحَدِيثِ مِنْ زَكَاةِ النَّاضِّ، والعُشُورِ، والمَعَادِنِ.

قالَ عليٌّ وابنُ عبَّاسٍ: في قَوْلهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠]، إلى آخِرِ الآيةِ: (هذَا عِلْمٌ أَعْلَمَنَاهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَأَيُّ الأَصْنَافِ جُعِلَتْ في الصَّدَقةِ مِنَ الأَصْنَافِ المَذْكُورِينَ في هذِه الآيةِ أَجْزَأَ) (١).

وإنَّما تُقَسَّمُ على وَجْهِ الإجْتِهَادِ.

وقالَ ابنُ أَبي زيدٍ: لَو كَانَتِ الصَّدَقَةُ مُجَزَّأَةً على الثَّمَانِيَةِ الأَصْنَافِ المَذْكُورِينَ في القُرْآنِ كمَا قالَ مَنْ يُخَالِفُنَا، لَكَانَ للعَامِلِينَ عَلَيْهَا الثَّمَنُ، ولَمْ يَرْجِع سَهْمُ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم المَذْكُورِينَ في الآيةِ على غَيْرِهِم مِنَ الأَصْنَافِ، ولَا خِلاَفٌ بينَ أَهْلِ العِلْمِ في هذا.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: قالَ مَالِكٌ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِي المُؤَلَّفَةَ قُلُوبَهُم مِنَ الصَّدَقةِ يَسْتَأْلِفُهم بذلكَ على الإسْلاَمِ.

قالَ مَعْمَرٌ: وكَانَ مِنْهُم أَبو سُفْيَانُ بنُ حَرْبٍ، والحَارِثُ بنُ هِشَامٍ، وعُيَيْنَةُ بنُ بَدْر، وصَفْوَانُ بنُ أُمَيَّهَ، وجَمَاعةٌ سِوَاهَا وَلاَءً، وسَهْمُهُم اليومَ مَرْدُودٌ على سَائِرِ الأَصْنَافِ المَذْكُورِينَ في الصَّدَقةِ.


(١) ذكره بنحوه ابن عبد البر في الإستذكار ٣/ ٥٠٤، ونسبه إلى حذيفة وابن عباس، وقال: ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>