للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ اليَومَ وعلى هذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ: أَنَّ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا في رَمَضَانَ أَنَّهُ لا يُفْطِرُ.

* [قَالَ أَبوالمُطَرِّفِ]: لمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ بِحَدِيثِ عَطَاءٍ: (أَنَّ رَجُلاً قبَّلَ امْرَأَتهُ في رَمَضَانَ) [١٠٢٠]، وإنَّما لم يأَخُذْ به لأَنَّهُ مِنْ مُرْسَلاَتِ عَطَاءٍ، وهُوَ خِلاَفُ قَوْلِ علي، وابنِ عُمَرَ، وابنِ عبَّاسٍ، وعَائِشَةَ، وَهِيَ التي قالتْ: (وأَيُّكُم أَمْلَكَ لإرْبهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) [١٠٢٦]، تعنِي: أَيُّكُم أَمْلَكُ لِشَهْوتِه مِنْهُ لِنَفْسِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكرتْ في مَعْنَى حَدِيثِها: أَنَّ تَقْبيلَهُ نِسَاءَهُ في رَمَضَانَ خَاصٌ له، [إذ] (١) كانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ في حَالِ صِيَامِه مَا لَا يَمْلِكُ غَيْرُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَرُبَّمَا غَلَبَتْ شَهْوَةُ القُبْلَةِ على المُقَبّلِ فتفسُدُ عليهِ صَوْمَهُ بإنْزَالهِ المَاءَ، وقَدْ كَانَ كَثيرٌ مِنَ الصَّحَابةِ والتَّابِعِينَ يَجْتَنِبُونَ دُخُولَ مَنَازِلِهِم بالنَّهَارِ في رَمَضَانَ خَوْفًا على أَنْفُسِهِم مِنَ القُبْلَةِ وغَيْرِهَا.

* وقالَ عُرْوَةُ: (لَمْ أَرَ أن القُبْلَةَ للصَّائِمِ تَدْعُو إلى الخَيْرِ) [١٠٢٧]، يعنِي: أَنَّهَا رُبَّمَا كَانَتْ سَبَبًا إلى فَسَادِ الصَّوْمِ.

وقَدْ سُئِلَ عليُّ بنُ أَبي طَالِبٍ عَنِ القُبْلَةِ للصَّائِمِ في رَمَضَانَ بالنَّهَارِ، فقالَ: (اللَّيْلُ قَرِيبٌ) (٢)، فَهَذِه الآثَارُ كُلُّها خَلاَفَ مَا رَوَاهُ عَطَاءُ بنُ أَبي رَبَاحٍ في ذَلِكَ (٣)، ولِذَلِكَ لم يَأْخُذْ بهِ مَالِكٌ.

* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: إنَّما أَفْطَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَارَاً في رَمَضَانَ حِينَ عَلاَ على شَرَفِ الكَدِيدِ [١٠٣١]، لِكَي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ فَيَنْظُرُونَ لِفِطْرِه، وقدْ كَانَ أَمَرَهُمْ بالفِطْرِ في سَفَرِهِم ذَلِكَ حِينَ خَرَجُوا مِنَ المَدِينَةِ، وقالَ لَهُم: "تَقَوَّوْا


(١) في الأصل: (إذا) وهو لا يتناسب مع السياق.
(٢) لم أجد قول علي - رضي الله عنه -، وإنَّما وقفت نحوه عن مسروق، رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٣/ ٦٣.
(٣) نقل رأي عطاء: ابن عبد البر في التمهيد ٥/ ١١٤، وقال: وبه قال الشعبى والحسن وأحمد وإسحاق وداود.

<<  <  ج: ص:  >  >>