للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ مَالِكٌ: إذا تَمَّ خَلْقُ مَا في بَطْنِ الشَّاةِ ونَبَتَ شَعْرُهُ، فَذَكَاةُ أُمِّهُ ذَكَاتُهُ.

[قالَ أبو المُطَرِّفِ]: يُرِيدُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَضْوٍ مِنْهَا مَا لَمْ يُفَارِقْهَا، فَلَمَّا عَمِلَتِ الذَّ كَاةُ في الشَّاةِ، عَمِلَتْ في الذِي في بَطْنِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَبْحُهُ إذا خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا، لِكَي يَخْرُجَ الدَّمُ مِنْ جَوْفِهِ، فَأَمَّا إذا خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا حَيَّا لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِذَكَاةٍ، لأَنَّ الأَمْرَ بالذِّكَاةِ قَدْ تَوَجَّه إليه، وأَمَّا إذا خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ خَلْقُهُ فَإنَّهُ لا يُؤْكَلُ، لأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُضْغَةٌ ودَمٌ مُنْعَقِدٌ، والدَّمُ لَا يُؤْكَلُ.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: مَا أَصَابَهُ الرَّجُلُ مِنَ الطَّيْرِ بِحَجَرٍ أَو بِبُنْدَقَةٍ فَخَرَقَ الجِلْدَ وبَلَغَ المُقَاتَلَ، فإنَّهُ لا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ، لأَنَّهُ مَوْقُودٌ، وكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ الطَّيْرُ الذي يُرْمَى وَهُوَ يَطِيرُ فَيَسْقُطُ ثُمَّ يَمُوتُ ويُوجَدُ السَّهْمُ لَمْ يَنْفَذْ مُقَاتَلَهُ، إذ لَعَلَّهُ مِنَ السَّقْطَةِ مَاتَ، والصَّدْمَةُ لَيْسَتْ بِذَكَاةٍ، وكَذَلِكَ لَا يُؤْكَلُ مَا أُصِيبَ بعُرْضِ المِعْرَاض فَمَاتَ مِن ذَلِكَ لأَنَّهُ رَضٌّ، والرَّضُّ لَيْس بِذَكَاةٍ، وَالمِغرَاضُ: (الكسكامت) (١) التي يَحْبسَها الصَّائِدُ (٢)، ورُبَّمَا رَمَى بِهَا الصَّائِدُ، فَإنْ أَصَابَهُ بحَدِّهَا فَخَسَقَ (٣) في الجِلْدِ، وقَطَعَ الحُلْقُومِ، فإنْ ذَلِكَ الصَّيْدَ يُؤْكَلُ لأَنَّه مُذَكَيًّا.

قالَ ابنُ القَاسِمِ: مَا نَدَّ مِنَ الأَنْعَامِ الإنْسِيَّةِ واسْتَوْحَشَ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِذَكَاةِ الإنْسِيَّةِ، ومَا دَجَنَ مِنَ الوَحْشِ ثُمَّ نَدَّ واسْتَوْحَشَ أُكِلَ بِمَا يُؤْكَلُ بهِ الصَّيْدُ مِنَ الرَّمِي وشِبْهِه، لأَنَّهُ حِينَ اسْتَوْحَشَ رَجَعَ إلى أَصْلِهِ فَهُوَ يُؤْكَلُ بِمَا يُؤْكَلُ بهِ الصَّيْدُ.

قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَمْ يَجُزْ أَكْلُ الصَّيْدِ إذا فَاتَ عَنِ الصَّائِدِ ثُمَّ وَجَدَهُ يَوْمًا آخَرَ قَدْ مَاتَ وسَهْمُهُ مُثَبَّتٌ فِيهِ، لأَنَّهُ صَيْدٌ مَشْكُوكٌ في ذَكَاتِهِ، لأَنَّهُ لَا يَدْرِي مِن أَيِّ شَيءٍ


(١) هكذا رسمت هذه الكلمة في الأصل، وقد بحثت عنها كثيرا في كتب الفقه المالكي وغيره ولم أجدها، ولعلها كلمة عامية كانت مستعملة في لهجة أهل الأندلس.
(٢) المعراض -بكسر الميم وسكون العين- خشبة ثقيلة أو عصا في طرفها حديد، وقد يكون بغير حديد، هذا هو الصحيح في تفسيره، ينظر: عمدة القاري ٢٥/ ٩٧.
(٣) يقال: خسق -بالسين- ويقال: خزق -بالزاي- يعني: ما شق وقطع، ينظر: مشارق الأنوار ١/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>