للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٍ فيهِ أَصَحُّ، وعَلَيْهَا العَمَلُ بالمَدِينَةِ أَنَّ الأَبْكَارِ يُزَوِّجُهَنَّ آبَاؤُهُنَّ بِغَيْرِ إذْنِهِنَّ، ويُنْفَذُ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ (١).

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: وقَدْ قَالَ مَالِكٍ في رِوَايةِ ابنِ عبدِ الحَكَمِ عنهُ: حَسَنٌ للأَبِ أَنْ يُشَاوِرَ ابْنتَهُ البكْرَ إذا أَرَادَ نِكَاحَهَا، وأَمَّا البكْرُ غَيْرُ ذَاتِ الأَبِ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا أنْ تَأْذَنَ في ذَلِكَ.

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: صِفَةُ اسْتِئْذَانِ البكْرِ في إنْكَاحِهَا هُوَ أنْ يَقُولَ لَهَا السَّامِعَانِ: إنَّ فُلَانًا خَطَبَكِ على صُدَاقِ كَذَا، الَمُعَجَّلُ مِنْهُ كَذَا وكَذَا إلى أَجَلِ كَذَا وكَذَا، والتزَمَ لَكِ مِنَ الشُرُوطِ كَذَا وكَذَا، وَعَقَدَ عَلَيْكِ النِّكَاحَ وَليَّكِ فُلَانًا، فإنْ كُنْتِ رَاضِيَةً فَاصْمُتِي، وَإِنْ كُنْتِ كَارِهَةً فَتَكلَّمِي، فإنْ صَمَتَتْ فَيُعْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وأَمَّا [الثَّيِّبُ] (٢) فَلَا بُدَّ لَهَا أَنْ تتكَلَّمَ أَنَّهَا رَضِيَتْ بالنِّكَاح.

* قالَ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ: انْفَرَدَ أَبو حَازِمِ بنُ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ بهَذا الحَدِيثِ: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ للرَّجُلِ: "قَدْ أَنكحْتُها بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ" [١٩٢٠].

قالَ ابنُ أَبي زَيْدٍ: وهذَا الحَدِيثُ خَاصٌّ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والدَّلِيلُ على ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ المَرْأَةَ قَد وَهَبَت نَفْسَهَا للنبيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وهَذا خَاصٌّ لَهُ، يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} إلى قَوْلهِ: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠]، قالَ: وشَيءٌ آخَرُ أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ ولَمْ يَسْتَأْمِرْهَا في تَزْوِيجِه إيَّاهَا مِنْهُ، ولَمْ يَظْهَرْ لَنَا في الحَدِيثِ أَنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ نِكَاحَ غَيْرِه - صلى الله عليه وسلم -، ولَا ظَهَرَ لَنَا إنْ كَانَت رَضِيتْ بِمَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ الرَّجُلِ مِنَ القُرْآنِ صُدَاقًا أَمْ لَا، فَكَانَ ظَاهِرُ هذَا الحَدِيثِ: أنِّي زَوَّجْتْكَهَا لأَنَّ مَعَكَ قُرْآنًا، إذ لَمْ يَأْمُرْهُ


(١) ذكر ابن عبد البر في التمهيد ٧٦/ ١٩ بأنه يمكن أن يكون لفظ (الثيب) جاء به على المعنى، وأنها جاءت مفسرة للفظ (الأيم)، قال: والمصير إلى التفسر أبدا أولى بأهل العلم، وعنى (يستأمرها) أي يستأذنها، وهذا محمول على الندب، أو على اليتيمة كما جاء في بعض طرقه.
(٢) في الأصل: الثايب، وهو خطأ، والصواب ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>