قالَ أَبو المُطَرِّفِ: حدَّثنا بهذَا أَبو مُحَمَّدِ بن عُثْمَانَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ، عَنْ عليِّ بنِ عبدِ العَزِيزِ، عَنْ أبي عُبَيْدِ القَاسِمِ بنِ سَلَّامٍ.
قالَ ابنُ عُثْمَانَ: وحدَّثنا ابنُ خُمَيْرٍ (١)، عَنِ ابنِ مُزَيْنٍ، قالَ عِيسَى بنُ دِينَارٍ: المُتْعَةُ الآنَ سِفَاحٌ لَا نِكَاحٌ.
قالَ عِيسَى: وقَالَ ابنُ القَاسِمِ: مَنْ تَمَتَّعَ الآنَ بامْرَأةٍ عَالِمًا عَامِدًا نُكُّلَ أَشَدَّ النِّكَالَ، وكَذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ نِكَاحٍ حَرَّمَهُ القُرْآنِ فَعَلَى مَنْ عَقَدَهُ عَالِمًا عَامِدًا الحَدُّ، يُجْلَدُ فِيهِ البِكْرُ مَائةً، ويُرْجَمُ المُحْصَنُ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: المُتَعْةُ حَرَامٌ، حَرَّمَهَا النِّكَاحُ والطَّلاَقُ والعِدَّةُ، وقَدْ صَحَّ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رُجُوعَهُ عَنْ قَوْلهِ بإبَاحَتِهَا، هذَا هُوَ المَشْهُورُ عَنِ ابنِ عبَّاسِ، وسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْهَا فَقَالَتْ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٥ - ٦]، فالمُتْعَةُ لَيْسَتْ زَوْجِيَّةً، ولَا مِلْكَ يَمِينٍ.
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا جَازَ للعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ، لِقَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣]، فَدَخَلَ في هذَا الخَطَابِ الحُرُّ والعَبْدُ.
وقالَ غَيْرُهُ: يَرْوِي عَنِ ابنِ وَهْبٍ أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ العَبْدَ لَا يَنْكِحُ إلَّا زَوْجَتَيْنِ، وهذَا خِلاَفُ مَا نَقَلَهُ عنهُ أَصْحَابُهُ، أَنَّ العَبْدَ لَهُ أنَّ يَنْكَحَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ، مِثْلَ الحُرِّ سَوَاءٌ.
قالَ الأَبْهَرِيُّ: لَمَّا لَمْ يَجُزْ للرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَتَهُ ابْتِدَاءً، ولَا للمَرأةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَبْدُهَا ابْتِدَاءً لَمْ يَجُزْ لَهُمَا أَنْ يَبْقَيا على نِكَاحِهِمَا إذا مَلَكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَمَتَى وَقَعَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبهِ وَقَعَ الفَسْخُ أَبَدًا، والفَسْخُ أَبَدًا في النِّكَاحِ هُوَ مَا يَقَعُ بِغَلَبَةٍ ولا يَقَعُ باخْتِيَارٍ، فإذا أَعْتَقتِ المَرْأةُ زَوْجَهَا بعدَ أَنْ تَشْتَرِيهِ
(١) هو أبو عثمان سعيد بن خمير الرُّعيني القرطبي، الإِمام الفقيه، توفي سنة (٣٠١)، وتقدم التعريف به.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute