للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّما لَمْ يَجُزْ للعَبْدِ أَنْ يَبْتَاعَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِه على أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ، مِنْ أَجْلِ أنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ وَاهِبَاً وَلاَئَهُ لِمَنْ يُرِيدُ، وقَدْ نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيع الوَلَاءِ، وعَنْ هِبَتِهِ.

* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا قَضَى عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ بالوَلَاءِ بِوَلاَءِ وَلَدِ عَبْدِه الذي أَعتَقَهُ الزبَيْرِ، وكَانَ لِذَلِكَ العَبْدُ وَلدٌ مِنِ امرَأةٍ مُعتَقَةٍ قَدْ كَانَ أَعتَقَها غَيْرُ الزُّبَيْرِ، وكَانُوا أَحرَارَاً بِحُريَّةِ أُمِّهِم، يَرِثُهُم مَوَالِي أُمّهِمِ ما دَامَ أَبُوهُم عَبْدَاً، فَلَمَّا أعتَقَ الزُّبَيْرُ أَبَاهُم لَحَقُوا بأَبِيهِم، يَرِثُهُم ويَرِثُونه، وانتقَلَ وَلاَؤُهُم إلى مَوَالِي أَبِيهِم الذي أَعتَقَهُم.

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: لَمْ يَرِثْ عَصَبةُ المُلاَعَنَةِ العَرِبيَّةِ وَلَدها لأَنَّهُم خُؤُولَةٌ (١)، والخؤولة لا يَرِثُونَ، ووَرِثَ وَلَدُ المُلاَعَنَةِ المَوْلَى مَوَالِي أُمِّهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُم مَوَالِيهِ، إذْ لَمْ يَصِحَّ نَسَبُهُ مِنْ أَبيهِ الذي نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَصَارَ بِذَلِكَ مَوْلَى لِمَوَالِي أُمَهِ.

*اقالَ أَبو المُطَرِّفِ: روَى غَيْرُ يَحيىَ عَنْ مَالِكٍ في مَسْأَلةِ جَرِّ الجَدِّ الوَلاَءَ (٢)، فَقَالَ فِيها: وإنَّ العَبْدَ كَانَ لَهُ ابْنَانِ حُرَّانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وأَبُوهُ عَبْدٌ جَرَّ الجَدُّ أَبو الأَبِ الوَلاَءَ، وكَانَ المِيرَاثُ بَيْنَهُما نِصفَيْنِ (٣)، وهذِه الرِّوَايةُ أَصَحُّ مِنْ رِوَايةِ يَحيىَ الذي قالَ فِيها: جَرُّ الجَدِّ الوَلاَءَ بالوَلَاءِ والمِيرَاثِ، وإنَّما صَحَّتْ الرِّوَايةُ الأُولَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ وتَرَكَ جَدَّاً وأَخَا كَانَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ الجَدِّ والأخ نِصْفَيْنِ، ويَنْفَرِدُ الجدُّ بِجَرِّ وَلاَءِ مَوَالِي ابنِ ابْنِهِ إلى نَفْسِهِ، وإلى مَوَالِيهِ الذي أَعتَقُوه.


(١) الخؤلة، مصدر للخال، أي هم إخوة الأم، ينظر: المعجم الوسيط ١/ ٢٦٣.
(٢) جر -بفتح الجيم وتشديد الراء- أي سحب الجد الولاء له، ينظر: أوجز المسالك ١٢/ ٥
(٣) نسب ابن عبد البر في الإستذكار ٨/ ٤١٢ هذا القول إلى رواية مطرّف وأبي المصعب عن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>