عَلَيْهِ في رَدّ العَبْدِ إليه، ولَا يُظَنُّ به أَنَّهُ بَاعَهُ بالبَرَاءَةِ وَهُوَ عَالِم بالعَيْبِ، لأَنَّ هذا مِنَ الغِشِّ الذي لا يَحِلُّ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: قَوْلُ مَالِكٍ: فِيمَنْ بَاعَ عَبْداً وبهِ عَيْبٌ فَكَتَمهُ البَائِعُ المُبْتَاعَ، ثُمَّ حَدَثَ بهِ عندَ المُبْتَاعِ عَيْبٌ مُفْسِدٌ، فإنَّ المُبْتَاعَ بالخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ العَيْبِ مِنَ البَائِعِ أَخَذَهُ، وإنْ أَحَبَّ أنْ يَرُدَّ قِيمَةَ العَبْدِ، ويَرُدُّ مَعَهُ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ مِنَ العَيْبِ المُفْسِدِ فَعَلَ ذَلِكَ، وتَفْسِيرُ ذَلِكَ: أَنَّهُ إذا أَرَادَ أنْ يُمسِكَ العَبْدَ وَيرجِعَ بِقِيمَةِ العَيْبِ الأَوَّلِ فإنَّ العَبْدَ يُقَامُ صَحِيحَاً يَوْمَ وَقَعَ البَيْعُ، فَيُقَالُ: قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَاراً، ثُمَّ يُقَوَّمُ بالعَيْبِ القَدِيمِ فتوجَدُ قِيمَتُهُ أربَعِينَ دِينَاراً، فَبَيْنَ القِيمَتَيْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَهُوَ خُمسُ الثَّمَنِ الأَوَّلِ، فَيَرْجِعُ المُشْتَرِي على البَائِعِ بِخُمسِ الثَّمَنِ الذي كَانَ دَفَعَهُ إليه كَائِناً مَا كَانَ، وإنْ أَرَادَ المُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ العَبْدَ ويَرُدَّ قِيمَةَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ قِيمَةِ العَيْبِ المُفْسِدِ، فإنَّكَ تَغرِفُ قِيمَتَهُ أوَّلاً صَحِيحَا، فَقَدْ قُلْنَا أَنَّها خَمْسُونَ دِينَارَاً، أَو قِيمَتُهُ بالعَيْبِ القَدِيمِ أَربَعُونَ دِينَاراً، فَوقَعَ على العَيْبِ القَدِيمِ مِنَ القِيمَةِ خُمسُ جَمِيعِ الثَّمَنِ، ثُمَّ يُقَوَّمُ الآنَ بالعَيْبِ الذي حَدَثَ عِنْدَ المُشْتَرِي، فَتُوجَدُ قِيمَتُهُ ثَلاَثِينَ دِينَاراً، فَبَيْنَ القِيمَتَيْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَهُوَ رُبع الثَّمَنِ، فَيَرُدُّ المُشْتَرِي مَعَ العَبْدِ رُبع الثَّمَنِ بعدَ إسْقَاطِ خُمسِ الثَّمَنِ أَوَّلاً لِقِيمَةِ العَيْبِ القَدِيمِ.
قالَ: وأَمَّا إذا كَانَ العَيْبُ الذي حَدَثَ عندَ المُشْتَرِي خَفِيفَاً، مِثْلَ الحُمَّى والرَّمَدِ رَدَّهُ بالعَيْبِ الأَوَّلِ، ولا يَكُونُ عَلَيْهِ لِما حَدَثَ عندَهُ مِنَ العَيْبِ الخَفِيفِ شَيءٍ.
قالَ عِيسَى: ولَو قَالَ البَائِعُ للمُبْتَاعِ بعدَ أَنْ حَدَثَ عِندَهُ العَيْبُ المُفْسِدُ فَجْأَةً لِيَرُدُّه على البَائعِ بالعَيْبِ القَدِيمِ، قالَ له البَائِعُ: إن شِئْتَ رُدَّهُ عَليَّ ولا غُرْمَ عَلَيْكَ فِيمَا حَدَثَ عِنْدَكَ، وإنْ شِئْتَ احبسْهُ بالعَيْبِ القَدِيمِ الذي بِعْتَهُ أنا مِنْكَ ولَا غُزمَ لَكَ عَلَيَّ، فَزَعَمَ ابنُ القَاسِمِ أَنَّ ذَلِكً لَهُ.
قالَ عِيسَى: ولَسْتُ أَرَى أَنَا ذَلك، بلْ يَكُونُ المُشْتَرِي على البَائِعِ بالخِيَارِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute