للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ لِمَالِكٍ: فَالحَائِطُ تُزْهِي فِيهِ النَّخْلَةُ أَيُبَاعُ ذَلِكَ الحَائِطُ؟ فَقَالَ: مَا أدرَكْتُ النَّاسَ إلاَ على إجَازَتهِ، يُرِيدُ: النَّخْلَةَ التي لَيْسَتْ بِبَاكُورَةٍ (١)، وطِيبُ بَعضِها قَرِيب مِنْ بَعض.

* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: مَغنَى بَيع زَيْدِ بنِ ثَابت ثَمَرِ حِيطَانهِ عِنْدَ طُلُوعِ الثرَيَّا، يَغنِي: أَنَّهُ كَانَ يَبيعُها إذا طَلُعَتْ [الثُّريَّا] (٢) في السَّمَاءِ آخِرَ اللَّيْلِ في وَجْهِ السَّحَرِ، وَهِيَ لا تَطْلُعُ في ذَلِكَ الوَقْتِ إلَّا وَقَد بَدَا صَلاَح الثِّمَارِ بالحِجَازِ (٣).

وقالَ مَالِكٌ: لا تُبَاعُ إلَّا إذا أَزْهتْ، كَما قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: أَجَازَ أَهْلُ المَدِينَةِ بَيع المَقَاثِي وشِبْهِها (٤)، كَمَا جَازَ شِرَاءُ اللَّبَنِ مِنَ المُرضِعِ مُدَّةَ عَامَي الرَّضَاعِ، فينْ دَخَلَ في ذَلِكَ جَائِحَةٌ وَجَبَ الرُّجُوعُ على البَائِعِ بالجَائِحَةِ، وذَلِكَ أَنَّ وَقْتَ انْقِضَاءِ ثَمَرَةِ المَقَاثِي مَعرُوف عندَ النَّاسِ، فإذا دَخَلَتْ في ذَلِكَ جَائِحَةٌ بِنَقْصِ عُلِم قُدَّرَ مَا اجْتَنَى المُشْتَرِي، وقِيمَةُ ما أُجِيحَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يرجِعُ المُشْتَرِي بِقِيمَةِ مَا أُجِيحَ مِنْ ذَلِكَ على البَائِعِ.

قالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَرَايا وَاحِدَتُها عَرِيَّة، وَهِيَ النَّخْلَةُ يُغرِيها صَاحِبُها رَجُلاً مُحتَاجَا، يَهِبُ لَه ثَمَرُها عَامَا أَو أَعوَاما (٥).

قالَ الأَبْهرِيُّ: وَهُوَ فِغل مَعرُوف يَضنَعُهُ المُعَرِّي بالمُعَرَّى، وجَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيها بِخَزصِها إلى الجِذَاذِ فِيمَا قَدَرُهُ خمسَةُ أَوْسُق فَدُونَها، لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) الباكورة: هي التي تسبق طيب غيرها بالزمن الطويل الذي لا يحصل معه تتابع الطيب، فهذه لا يجوز بيع الحائط بطيبها، ويجوز بيعها وحدها، ينظر: الثمر الداني ١/ ٥١٠.
(٢) جاء في الأصل: الثرايا، والصواب ما أثبته.
(٣) ذكر ابن عبد البر في التمهيد ٢/ ١٩٣ بأن طلوع الثريا إنما يكون قبيل فصل الصيف في حدود الثاني عشر ليلة مضت من شهر أيار، وهو شهر مايو.
(٤) المقاثي: هي الخضروات وما أشبهها من مثل البطيخ والقثاء، ومثل الجزر واللفت، وبيع المقائي ليس من الغرر، لأنه يسير والحاجة داعية إليه.
(٥) ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد ١/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>