للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُعَرّي رُطَبُ العَرِيَّةِ، ويُؤَدِّي خَرصَها تَمْراً في خَمسَةِ أَوْسُق.

وجَعَلَ ابنُ القَاسِمِ في العَرِيَّةِ إذا أُشْتُرِيتْ بِخَزصِها تَفراَ وأَصَابتها الجَائِحَةُ أَنَّ لِمُشْتَرِيها الرُّجُوعَ على المُعَرِّي البَائِعِ لها بالجَائِحَةِ في الثُّلُثِ فَمَا زَادَ.

وقالَ أَشْهبُ: لَا جَائِحَةُ، لأَنَ أَصلَها فِعلٌ مُعرُوفٌ.

" قالَ أَبو المُطَرِّفِ: مَعنَى قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حَدِيثِ الجَائِحَةِ: "تَأَتَى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرَاً" يَغنِي: حَلَفَ أنْ لَا يَفْعَلَ ما يَلْزَمُهُ مِنَ الرُّجُوعِ عليهِ بالجَائِحَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُتَأَلّي، قالَ: "هُوَ لَهُ يا رَسُولَ اللهِ فَقِيلَ: إنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ الثمَنِ الذي كَانَ قَبَضَهُ مِنْ مُبْتَاعِ الحَائِطِ مِنْهُ.

وجدّثنا أَبو جَعفَرِ (١)، قالَ: حدَّثنا ابنُ الأَعرَابِيِّ، قالَ: حدَّثنا أَبو دَاوُدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ، عَنِ ابنِ وَهْبٍ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بغتَ مِنْ أَخِيكَ تَمراً فأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأخُذَ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ شَيءٍ" (٢).

قالَ أَبو المُطَرِّفِ: هذَا حَدِيثٌ في الرُّجُوعِ بالجَائِحَةِ (٣).

وقالَ ابنُ أَبي زَيْد: لَمَّا لَمْ يَأتِ في حَدِيثِ الجَائِحَةِ تَوْقِيتٌ لِمَا يُوضَعُ مِنْها وَجَبَ أَنْ يُوضَعَ مِنْها الثُلُثُ الذي جَعَلَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حَيِّزِ الكَثيرِ، بِقَوْلهِ: "الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثيرٌ" (٤)، وقَد يَسْتَحِيلُ أَنْ يُوضَعَ مِنَ الجَوَائِحِ مَا لا بالَ له، إذ لا بُدَّ مِنْ سُقُوطِ شَيءٍ مِنَ الثَّمَرَةِ، فإذا ذَهبَ الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَة وَجَبَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ على البَائِعِ.


(١) هو أبو جعفر بن عون الله القرطبي، تقدم التعريف به.
(٢) سنن أبي داود (٣٤٧٠) عن سليمان بن داود المهري وأحمد بن سعيد الهمداني عن ابن وهب به، ورواه مسلم (١٥٥٤) عن أبي الطاهر عن ابن وهب به.
(٣) كرر في الأصل كلمة (حديث) مرتين، وقد حذفت أحدهما.
(٤) رواه البخاري في مواضع، ومنها (١٢٣٣)، ومسلم (١٦٢٨) من حديث سعد بن أبي وقاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>